ولقد فرق المفسرون «١» عزوا إلى ابن عباس وابن مسعود وبعض علماء التابعين في الموقف الواجب وقوفه من كل من الكافرين والمنافقين بحيث تكون مجاهدة الكافرين بالسيف والمنافقين بالحجة والغلظة في التنديد والتثريب. مع أنه ليس في الآية ما يسوغ هذا التفريق ولا سيما أنها جعلت مصير الفريقين الأخروي واحدا.
ويتبادر لنا أن هذا التفريق مستلهم من موقف النبي صلى الله عليه وسلم من المنافقين حيث لم ير قتالهم وقتلهم لاعتبارات عديدة منها أنهم كانوا مسلمين في الظاهر يقرون بوحدانية الله ورسالة رسوله ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويشتركون في الحركات الجهادية على ما شرحناه في سياق تفسير سور البقرة والأحزاب والنساء. وقد يكون هذا في محله والله أعلم.
وعلى ضوء ما شرحناه في مناسبات سابقة فإن كان الجهاد المأمور به النبي الكفار يعني القتال فإنه يكون بالنسبة للأعداء منهم دون المسالمين. أما إذا كان يعني بذل الجهد في الإنذار فيصح أن يكون الأمر واردا بالنسبة لجمع الكفار وبالنسبة للمنافقين معا.