للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسم (المهاجر) يطلق على من هاجر من مكة إلى المدينة قبل فتح مكة فقط. لأن هناك حديثا نبويا جاء فيه: «لا هجرة بعد الفتح» وإن المهاجرين أنواع، نوع هاجر إلى الحبشة قبل هجرة النبي إلى المدينة ثم جاؤوا منها إلى المدينة. ونوع هاجر إلى المدينة من مكة في ظروف هجرة النبي إلى المدينة. ونوع هاجر إلى المدينة من مكة بعد مدة ما وقبل فتح مكة وظلّ أثناء هذه المدة مشركا. وإن كلمة (السابقين الأولين) بالنسبة للمهاجرين تطلق على النوعين الأولين فقط. وثالثا: إن الأنصار أيضا أنواع، نوع آمن قبل هجرة النبي إلى المدينة وهم الذين ذكروا في الآية الثانية التي نحن في صددها. ونوع آمنوا بعد هجرته. وإن كلمة (السابقين الأولين) بالنسبة للأنصار تطلق على النوع الأول فقط.

هذا، ولقد روى الشيخان والترمذي كسبب لنزول جملة وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ عن أبي هريرة قال: «جاء رجل إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أصابني الجهد فأرسل إلى نسائه فلم يجد عندهن شيئا فقال ألا رجل يضيّفه هذه الليلة يرحمه الله فقام رجل من الأنصار فقال أنا يا رسول الله فذهب إلى أهله فقال لامرأته ضيف رسول الله لا تدّخريه شيئا. قالت والله ما عندي إلّا قوت الصبية. قال فإذا أراد الصبية العشاء فنوّميهم وتعالي فاطفئي السراج ونطوي بطوننا الليلة ففعلت ثم غدا الرجل على رسول الله فقال لقد عجب الله أو ضحك الله عزّ وجلّ من فلان وفلانة فأنزل الله الجملة» «١» . والجملة جزء من آية والآية جزء من سياق. وكل ما يمكن أن يكون أن النبي تلا الآية حينما فعل الأنصاري وامرأته ما فعلاه فالتبس الأمر على الرواة.

ولقد أورد ابن كثير حديثا رواه الإمام أحمد عن أنس قال: «قال المهاجرون يا رسول الله ما رأينا مثل قوم قدمنا عليهم أحسن مواساة في قليل ولا أحسن بذلا في كثير. فقد كفونا المئونة وأشركونا في المهنأ. حتى لقد خشينا أن يذهبوا بالأجر كلّه» . وروى البخاري عن أنس قال: «دعا النبيّ صلى الله عليه وسلم الأنصار أن يقطع لهم البحرين


(١) انظر التاج، ج ٣ ص ٣٤١- ٣٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>