انحرافات اليهود وآثامهم المتنوعة. وفيها صور بشعة جدا من ذلك. كما احتوت تنديدات شديدة وإنذارات قارعة وحملات عنيفة عليهم بسببها، منها ما هو مبلغ عن الله بواسطة موسى (عليه السلام) ومنها ما هو مبلغ عن الله بواسطة أنبيائهم بعد موسى، ومنها ما سجل عليهم من الأنبياء أنفسهم ومنها ما سجل به عليهم قتلهم الأنبياء وتكذيبهم لهم وعبادتهم العجل والأصنام والمعبودات الأخرى بصورة مستمرة وارتكابهم مختلف المنكرات والموبقات مما هو متسق في جوهره مع هذه الفصول «١» .
والمتبادر من أسلوب الآية [٦١] أن جملة وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ليست استمرارا لحكاية قول موسى لهم وإنما هي تقرير رباني مباشر بأن الله كتب ذلك على مختلف أجيال بني إسرائيل من لدن موسى وما بعده نتيجة للمواقف اللجاجية والانحرافات الدينية والأخلاقية التي كانوا وظلوا يرتكبونها بما في ذلك تكذيب الأنبياء وقتلهم، وعصيان أوامر الله وعدوانهم حيث يكون في ذلك عقاب رباني ملازم لهم على مدى الدهر يشاهده بنو الإنسان جيلا بعد جيل منذ آلاف السنين. وفي كل زمن ومكان رغم ما قد يبدو من ظروف يتاح فيها لبعضهم أن يبرزوا في المجتمعات حيث لا يلبث المرء أن يكتشف أن ذلك مظهر سطحي وحسب فضلا عن أنه ليس إلا بالنسبة لأفراد وظروف وأن الكثرة الكاثرة منهم مسربلة دوما بذلك العقاب الذي كتبه الله عليهم. ولقد جاء هذا في آية سورة الأعراف هذه قويا حاسما وشاملا: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ ... [١٦٧] .
هذا، ومع أن الآيات بسبيل التنديد باليهود ومواقفهم فمما لا ريب فيه أن فيها تلقينات عامة مستمرة المدى في تقبيح ما بدا من اليهود سابقا ولا حقا من انحرافات وآثام ومكابرة وتعجيز وجحود وكفر، وفي تعليل ما حل باليهود بسببه
(١) هذه التقريعات والإنذارات والتسجيلات مبثوثة في معظم الأسفار التي هي في متناول الجميع، اقرأ إذا شئت كتابنا تاريخ بني إسرائيل من أسفارهم.