الحواريين لدعوته المذكورة في سور آل عمران والمائدة والصف. ومن ذلك عشرات الآيات الواردة في أناجيل متى ومرقس ولوقا ويوحنا التي تحكي أقوالا عن لسان عيسى متطابقة إجمالا وصراحة حينا وضمنا حينا مع ما حكته عن لسان آيات عديدة مكية ومدنية برغم ما يحاول النصارى صرفها عن معانيها المتطابقة مع روح الآيات القرآنية وتأويلها بما يتطابق مع عقائدهم ومسلّماتهم المستقرّة نتيجة لقرارات المجامع المقدّسة التي أخذت تنعقد من حين لآخر منذ أواسط القرن الرابع بعد الميلاد والتي كانت تنعقد بالدرجة الأولى لبحث الاختلاف في تأويل الأناجيل في شخصية عيسى الذي كان ينجح بين علمائهم.
وفي القرآن تقريرات وأقوال عديدة عن عيسى وحياته ومعجزاته ليست واردة في الأناجيل المتداولة المعترف بها كما قلنا قبل. وبعضها وارد في إنجيل برنابا الذي يقول النصارى إنه مزوّر. فإذا سلمنا جدلا بزعمهم هذا تبقى تلك التقريرات والأقوال واردة لأنها وردت في القرآن الذي لا يمكن لأحد أن يزعم أنه لم يبلغ من النبي ولم يكن معروفا في عهده. ومن ذلك طلب الحواريين من عيسى أن يلتمس من الله إنزال مائدة من السماء والمحاورة التي جرت بينه وبينهم وحكتها آيات سورة المائدة [١١٤ و ١١٥] ومن ذلك كيفية إلجاء المخاض مريم إلى جذع النخلة وما كان من شكواها ومخاطبة وليدها من تحتها لها وتطمينه وقوله إذا رأت أحدا أن تقول لهم إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا. ومخاطبة قومها لها متعجبين من ولادتها بدون زوج ومخاطبة عيسى لهم بأنه عبد الله آتاه الكتاب وجعله نبيا في آيات سورة مريم [٢٣- ٣٣] ومن ذلك ما حكي عن لسانه بأنه مبشّر برسول يأتي من بعده اسمه أحمد في آية سورة الصف [٦] وما حكي عن لسانه من التنديد بكل من يشرك مع الله غيره في عبادة، ودعوته لبني إسرائيل إلى عبادة الله وحده ربه وربهم في سياق إعلان كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم في آية سورة المائدة [٧١] ثم في آية سورة الزخرف [٦٤] ومن ذلك نفي القرآن لقتل اليهود لعيسى وصلبه وما قرره من شكّ واختلاف في الأمرين الناس