وتكررت، وخامسا إن وحدة الموضوع في السور الطويلة والمتوسطة فضلا عن القصيرة ملموحة في كل سورة منها تقريبا، وسادسا إن تلاحق الفصول والسياق جدلا وحكاية وإنذارا وتبشيرا ووعدا ووعيدا وتدعيما وتمثيلا وتذكيرا وقصصا وتطمينا وتوجيها وتلقينا وبرهنة ملموح كذلك في كل سورة منها تقريبا وفي السور المكية تبرز مبادئ الدعوة القرآنية قوية واضحة، وتبرز خصوصيات القرآن ومميزاته الأسلوبية والموضوعية بالنسبة إلى الكتب السماوية الأخرى قوية واضحة كذلك ومن مميزات الأسلوب المكي اللهجة الخطابية القوية النافذة إلى الأعماق والقارعة للأسماع والقلوب واللهجة التي يذكر بها اليهود خاصة حيث خلت من التقريع والتعنيف والجدل والأخذ والرد، وتلك الصور الجحودية والإزعاجية والتشكيكية والدسية الواردة عنهم في القرآن المدني واللهجة المحببة الاستشهادية التي يذكر بها الكتابيون وأولو العلم كأنما هم حزب المسلمين والدعوة النبوية والأسلوب المكي يغلب فيه وصايا الصبر والتطمين والتسكين وعدم المبالاة بمواقف الكفار كما أنه خلا من الحض على الجهاد ووقائع الجهاد وخلا كذلك من ذكر المنافقين ومواقفهم ودسائسهم والحملات القاصمة عليهم. وواضح أن هذا كله متصل بظروف العهد المكي من السيرة النبوية مما نبهنا عليه في سياق التفسير.
أما القرآن المدني فالسجع فيه قليل بل نادر، وطول نفس الآيات غالب، ونقل فيه فصول القصص ووصف مشاهد الآخرة والجن والملائكة والجدل ووصف مشاهد الكون أو تقصر ويكتفى من ذلك بالتذكير والإشارات الخاطفة، وتصطبغ فيه المبادئ والتكاليف التعبدية والأخلاقية والاجتماعية والقضائية والسلوكية بصبغة التقنين والتقعيد، وفيه تشريع الجهاد ووقائعه وظروفها، وفيه إبطال عادات وتقاليد قديمة، وإقرار عادات وتقاليد قديمة أخرى مع الإصلاح والتهذيب، وإنشاء عادات وتقاليد جديدة في سبيل الإصلاح الأخلاقي والاجتماعي، وفيه صور النفاق والمنافقين ومواقفهم، ولهجته عن اليهود لهجة شديدة في الدعوة والتعنيف والتنديد وفيه صورة عن مواقفهم وأحوالهم، وفيه الاستفتاءات والأسئلة القضائية والاجتماعية والأخلاقية والأسروية وأجوبتها التشريعية، وواضح أن هذا كله متسق