متداولا في أوساط الكتابيين، ومما كان يعرفه السامعون من العرب أو بعضهم.
ومما قاله المفسرون دون عزو إلى مصدر أن أخنوخ سمي إدريسا لكثرة دراسته لكتب الله. وأنه أول من خط بالقلم وأول من خاط الثياب ولبس الثياب المخيطة. وكان الناس قبله يلبسون الجلود. وأنه أول من اتخذ السلاح وقاتل الكفار. وأول من نظر في علم النجوم والحساب، وأنه أنزل عليه ثلاثون صحيفة.
ونحن نرجح أن اسم (إدريس) كان الاسم المتداول قبل الإسلام لنبي من الأنبياء. وقد يكون أخنوخ المذكور في سفر التكوين. وقد يكون ما ذكر عنه من كثرة دراسته وعلومه مما كان متداولا عنه. وكلمة (إدريس) كما يبدو عربية الجذر والصيغة وهذا ما قاله اللغوي المشهور ابن منظور في لسان العرب فيكون العرب قبل الإسلام هم الذين أطلقوا الاسم على هذا النبي بسبب ما سمعوا من صفاته.
وفي صدد رفعه إلى السماء روى الطبري عن أبي هريرة وعن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رآه ليلة المعراج في السماء الرابعة. وروى عن ابن عباس أنه رفع إلى السماء السادسة ومات فيها. وعن مجاهد أنه رفع كما رفع عيسى ولم يمت. وقال الطبري تعقيبا على ذلك أن حياته وموته مختلف فيهما. ومع ذلك فالمفسرون يوردون أقوالا أخرى عن معنى جملة وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا منها أن المكان العلي هو في الجنة في اليوم الآخر. ومنها أن الجملة تعني علوّ الرتبة والشأن مطلقا أو في الدنيا. حيث يبدو من القائلين أنهم لم يأخذوا بما روي من أمر رفعه إلى السماء ووجوده فيها.
وإلى هذا ففي الطبري في صدد رفعه إلى السماء رواية طويلة مروية عن كعب الأحبار فيها كثير من الخيال والمفارقة. فلم نر طائلا في إيرادها ولا سيما أنها لا تتصل بموضوع السلسلة وهدفها.
ومهما يكن من أمر فنبوّة إدريس عليه السلام وكرامته وشفعته عند الله مما هو وارد في القرآن. واسمه مما يدل على أنه كان معروفا قبل الإسلام كنبي من أنبياء الله في أوساط العرب. وأن الهدف من ذكره في سلسلة الأنبياء هو نفس الهدف