والوعيد والبشرى والترغيب في صدد الأخيرة هو تذكير الناس بالله تعالى وحقه عليهم ودعوته إلى اتقاء ما يغضبه من عقائد منحرفة وأفعال سيئة والإقبال على ما يرضيه من إيمان به وإخلاص له من الأعمال الصالحة.
وقد تخلل الآيات آيتان عن الجبال ونسفها يوم القيامة بصيغة سؤال موجه للنبي صلى الله عليه وسلم عن مصيرها. وأمر بالإجابة بأنها تنسف ويكون مكانها سهل مستولا اعوجاج فيه ولا بروز. ولقد روى البغوي عن ابن عباس أن رجلا من ثقيف سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مصير الجبال يوم القيامة فأنزل الله الآية. وتقتضي الرواية أن تكون الآيتان نزلتا لحدتهما مع أنهما منسجمتان انسجاما تاما مع الآيات السابقة واللاحقة نظما وموضوعا. على أن هذا لا يمنع أن يكون واحد سأل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في ظرف ما قبيل نزول الآيات فاقتضت حكمة التنزيل والإشارة إلى ذلك والإجابة عليه. وعلى كل حال فالجبال كانت تمثل في أذهان السامعين نموذجا من مشاهد الطبيعة العظيمة التي يحسونها ويشاهدونها والتي يمكن أن يرد لبالهم سؤال عن مصيرها ... ولقد تكررت الآيات القرآنية التي ذكر فيها مصير الجبال يوم القيامة مرّت أمثلة منها في سور المزمل والتكوير والقارعة مما يمتّ إلى ذلك.
واقتصار الآية الأولى على ذكر حشر المجرمين ليس معناه قصد اقتصار البعث عليهم طبعا وإنما هو في صدد إنذار الكفار المجرمين ووصف الهول الذي يلاقونه والفزع الذي يقعون فيه وأثره فيهم. على أن الآيات لم تنس المؤمنين الصالحين حين قررت أنهم سوف ينالون جزاء أعمالهم تامة لا بخس ولا هضم فيها.
وحكاية الحوار بين الكفار عن مقدار ما لبثوا في القبور انطوى فيها قصد تصوير قوة المباغتة التي سيباغتون بها وقصر موعد تحقيق الوعيد الرباني الذي يرونه مستحيلا وبعيدا للتأثير في السامعين وإثارة خوفهم وقلقهم على ما هو المتبادر.
وقوة الوصف والتصوير وقوة الوعيد والإنذار والترغيب والترهيب في الآيات