أمرا بعدم الاستعجال بما يوحى إليه من القرآن قبل أن يقضي إليه وحيه. وبطلب المزيد من العلم من الله تعالى.
ولقد تعددت روايات المفسرين عن أهل التأويل في جملة وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ من ذلك أنها بمعنى لا تعجل في تلاوة ما يوحى إليك وإملائه قبل أن تبان لك معانيه. أو قبل أن نبيّن لك معانيه. ومنها أن الآية مشابهة في مداها لايات سورة القيامة لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ
(١٩) وأشار أصحاب هذا القول إلى الحديث الذي رواه البخاري عن ابن عباس وأوردناه في سياق تفسير هذه الآيات. وقالوا: إن هذا الحادث لذلك الحادث أو هو نفسه.
ومع ما يلحظ من صلة لفظية بين الآية السابقة التي ورد فيها ذكر القرآن أيضا فإننا نرجح أن تكون ما تضمنته مماثلا للحادث الذي تضمنته آيات سورة القيامة.
مع القول إنه حادث ثان إذ لا تظهر الحكمة في الإشارة إليه مرة أخرى لو كان نفس الحادث. ويظهر أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد فكرر ما كان يوحى إليه قبل تمامه خشية التفلت منه فنبه مرة أخرى في هذه الآية. والراجح أن يكون ذلك من ظرف نزول الآيات السابقة فجاءت الآية متساوقة في سبكها ونظمها معها ووضعت في سياقها والله أعلم. ولقد علقنا على مدى الحادث الذي تضمنته آيات سورة القيامة وقد مرّت الإشارة إليه. وما قلناه هناك يصح قوله هنا بتمامه فلا ضرورة للتكرار.
ولقد أورد ابن كثير في سياق الآية حديثا رواه ابن ماجه وأخرجه الترمذي عن أبي هريرة قال «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم انفعني بما علّمتني وعلّمني ما ينفعني وزدني علما والحمد لله على كلّ حال» وفي الحديث تعليم نبوي رفيع. وهناك أحاديث أخرى فيها تنويه بالعلم وطلبه وبالعلماء لها صلة بمدى الآية والحديث السابق أيضا. من ذلك حديث رواه أبو داود والترمذي عن أبي الدرداء قال «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من سلك طريقا يبتغي به علما سلك الله له طريقا إلى الجنّة.
وإنّ الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم. وإنّ العالم ليستغفر له من في