وفي الإصحاح السادس والعشرين من سفر الأحبار (اللاويين) تحذير رباني رهيب لبني إسرائيل بأنهم إذا نبذوا وصايا الله تعالى وانحرفوا عن طريق الحق وظلموا وبغوا فيسلط عليهم أعداءهم ويشدد نكاله فيهم كما أن هذا التحذير قد تكرر في أسفار عديدة بعد عهد موسى عليه السلام، مثل أسفار القضاة ونبوة أشعيا ونبوة أرميا مما فيه شيء من التطابق مع بعض ما جاء في الآيات.
ومهما يكن من أمر فالمتبادر أن الآيات لا تستهدف بيان الأحداث التاريخية لذاتها، وإنما تقصد إلى تعليل ما وقع على بني إسرائيل وتقرير السنن الاجتماعية فيهم ليكون فيها العبرة والمثل للناس جميعهم على اختلاف الأزمنة والأمكنة.
وهذا شأن القصص القرآنية عامة. واكتفاء الآيات بالإشارة المقتضبة مما ينطوي فيه قرينة على ذلك.
وفي تفسير الطبري والبغوي بنوع خاص وفي غيرهما أيضا تفصيلات كثيرة ومسهبة في صدد الأحداث التي جرت لبني إسرائيل والمشار إليها في الآيات. منها المعزو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرد في كتب الصحاح ومنها المعزو إلى ابن عباس وابن إسحق والسدي ومجاهد وابن وهب وغيرهم من أهل العلم والتأويل والأخبار في الصدر الإسلامي الأول. ومنها ما هو متطابق مع ما جاء في الأسفار والمدونات القديمة ومنها ما ليس متطابقا. ومنها ما فيه إغراب وخلط وتقديم لما هو متأخر وتأخير ما هو متقدم. مثل كون بختنصر هو ملك فارس وكون الله تعالى قد ملكه سبعمائة عام وكونه زحف على بيت المقدس وأقام يحاربها مائة عام. وقتله بدم يحيى بن زكريا سبعين ألفا إلخ إلخ.
ولم نر طائلا ولا فائدة في إيراد ما أوردوه ولو ملخصا لأنه غير متصل بأهداف الآيات وإن كان يدل على أن الأحداث المقصودة بالتذكير والتمثيل لم تكن مجهولة من سامعي القرآن مما يجعل الأهداف محكمة شأن سائر القصص القرآنية.
والمتبادر أن من أهداف الآيات تقرير كون الفساد والتكبّر والتجبّر في الأرض سيكون سيء العقبى على أصحابه وبلادهم في الدرجة الأولى. وكون الإحسان في