للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باستعماله منذ مبادئ نزول القرآن، وبدىء بإطلاقه على ما كان ينزل من مجموعاته قبل تمامه، بل قبل أن ينزل منه إلا القليل ثم ظلّ يطلق على ما كان ينزل منه وما يجتمع من مجموعاته إلى أن تمّ تمامه بوفاة النبي عليه السلام كما يفهم من آيات المزمل: [٤] وق: [١] والبروج: [٢١] وص: [٣] والجن: [١] والفرقان:

[٣٢] وطه: [١١٤] والواقعة: [٧٧] والنمل: [١] والإسراء: [٩] ويونس: [٨٢] والحجر: [١] إلى كثير غيرها من السور المكية «١» ثم ظل يطلق في السور المدنية على ما نزل وكان ينزل كما يفهم من آيات البقرة: [٢] وآل عمران: [٣- ٤] والنساء: [٨٢] والحشر: [٢١] ومحمد: [٢٤] وغيرها..

والمعقول والواقع أن الآيات والسور القرآنية التي نزلت قبل غيرها قد احتوت في الأكثر أسس الدعوة ومبادئها وأهدافها واقتصرت أو كادت تقتصر على التبشير بها وإنذار الذين لا يستجيبون إليها ولم تتوسع في الوسائل كما ترى في سور الفاتحة والأعلى والشمس والليل والعصر والإخلاص والتكاثر والتين والقارعة، مما يؤيد أن الأهداف والأسس هي المقصودة الجوهرية في القرآن أولا.

وقد خلت هذه السور وأمثالها أو كادت تخلو من العنف مما هو طبيعي لأن الدعوة وأهدافها ومبادئها هي التي يجب أن تعرض أولا وتنشر دون ما عنف ولا جدال، ثم أخذت الفصول التالية لها تحتوي إلى جانب تقرير المبادئ والأهداف والتوسع فيها حملات عنيفة على الجاحدين والكافرين والصادين وحكاية مواقفهم وإنكارهم لصحة الوحي القرآني كما أخذت تتوسع في الوسائل التدعيمية من قصص وأمثال ووصف نواميس ومشاهد وذكر غيبيات إيمانية إلخ مما هو طبيعي كذلك، لأن الجحود والجدل والإنكار والشك والاستغراب والأذى والصدّ والتحدي والتحريض إنما وقع بعد عرض الدعوة وتقرير الأهداف، ولأن مواقف الجاحدين والمفكرين والشاكين والمستغربين والمترددين والصادين والمكابرين والمتحدين استتبعت التوسع في الوسائل التدعيمية والتأييدية. ولقد احتوت الفصول التالية


(١) هذه السور من السور المكية المبكرة بالنزول قليلا أو كثيرا.
الجزء الأول من التفسير الحديث ١١

<<  <  ج: ص:  >  >>