ابن مسعود جاء في أحدهما أنه جبريل وفي ثانيهما أنه ملك من الملائكة. وقول ثالث يرويه نفس المفسر عن علي بن أبي طالب أنه ملك له سبعون ألف وجه لكل وجه سبعون ألف لسان لكل لسان سبعون ألف لغة يسبح الله عز وجل بها كلها، ويخلق الله مع كل تسبيحة ملكا يطير مع الملائكة إلى يوم القيامة. وروى البغوي عن مجاهد وسعيد بن جبير أن الروح خلق عظيم لم يخلق الله أكبر منه إلّا العرش لو شاء أن يبتلع السموات السبع والأرضين السبع ومن فيهما بلقمة واحدة لفعل وهو مزدوج الصور الخلقية من ملائكة وبشر ... يقوم يوم القيامة عن يمين العرش.. ثم قال المفسر وقد قيل إن الكلمة تعني القرآن. أو عيسى عليه السلام الذي وصف الله بأنه روح منه أو أنها الروح الذي يحيا وقال إن القول الأخير هو الأصح. وروى الطبري أن المشركين إنما سألوا النبي عن الروح الذي هو القرآن.
كيف يلقاك به الملك وكيف ينظم ويرتب. وعقب على هذه الرواية بقوله إن القرآن سمي روحا في آية سورة الشورى هذه وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا ...
الشورى:[٥٢] .
والحديث الذي رواه الشيخان والترمذي عن عبد الله هو الوثيق بسند صحيح من بين هذه الروايات. ومقتضاه أن تكون الآية مدنية ولسنا نرى حكمة ولا محلا ولا مناسبة لإيراد سؤال أورده اليهود في المدينة على النبيّ مع جوابه في سورة مكية، وفي سياق يحكي مواقف كفار مكة إزاء النبي ودعوته. في حين أن السور المدنية احتوت الفصول الكثيرة فيما كان من اليهود من مواقف وأسئلة وتحديات وتعجيزات للنبي صلى الله عليه وسلم ودعوته. وقد لحظ هذا المفسر ابن كثير فقال إن جميع السورة مكية ثم قال يمكن أن يجاب على هذا بالقول إن الآيات نزلت في المدينة مرة ثانية. وهذا القول لا يحل الإشكال. ومقتضاه أن يكون سؤال مثله أورد في مكة وأجيب عليه في مكة. وقد خطر لنا إزاء الحديث الصحيح أن يكون اليهود في المدينة سألوا النبي صلى الله عليه وسلم نفس السؤال فتلا عليهم الآية المكية ولما قالوا له أوتينا التوراة والحكمة تلا عليهم آية لقمان المكية وأن الأمر التبس على الرواة فرووا أنه