معاني الآيات واضحة، وقد احتوت الأولى والرابعة والخامسة منها أمرا للنبي صلى الله عليه وسلم بتوجيه أسئلة استنكارية إلى المشركين عن المتصرف في الكون المدبر لكل أموره الخالق الرازق القادر على إخراج الحي من الميت والميت من الحي، المبدئ المعيد الهادي إلى الحق، وعما إذا كان من شركائهم من يقدر على ذلك، كما احتوت تقريرا بواقع الأمر من اعترافهم بأن الله عز وجل هو وحده الذي يقدر على ذلك ويفعله، وتقريعا لهم على انصرافهم مع ذلك عن مستلزمات هذا الاعتراف وعدم تقواهم الله تعالى ووقوفهم منه موقف الجاحد وإشراكهم معه في الاتجاه والخضوع شركاء عاجزين عن أي شيء من ذلك.
واحتوت الآية الثانية تقريرا ربانيا مباشرا بأن الله الذي يعترفون بشمول قدرته ومطلق تصرفه هو الرب الحق وأن ما دونه هو الضلال المحض.
واحتوت الآية الثالثة تقريرا مماثلا بأن كلمة الله بعدم الهداية والإيمان إنما تحق على الفاسقين.
واحتوت الآية السادسة تقريرا مماثلا كذلك بأن المشركين لا يستندون في شركهم إلى عقل ومنطق وإنما يسيرون وراء الظن الذي لا يغني عن الحق شيئا.
وقوة الإفحام والإلزام في الآيات ملموسة، وقد ازدادت بكون المشركين لا ينكرون أن الله تعالى هو الرب الأعظم الخالق الرازق المدبر، كما تشير إليه الآية الأولى صراحة وتلهمه الآيات التالية لها.
ولا يروي المفسرون فيما اطلعنا عليه رواية خاصة في نزول الآيات، والمتبادر أنها متصلة بالسياق السابق الذي ظل يحكي مواقف المشركين وعنادهم ويقرعهم وينذرهم، ويلحظ فقط أنها انتقلت من الحكاية إلى توجيه الخطاب مباشرة إليهم مما جرى عليه النظم القرآني كثيرا، ومن المحتمل مع ذلك أن تكون هذه الآيات وما قبلها في صدد مواقف مناظرة وحجاج وجاهية بين النبي صلى الله عليه وسلم والمشركين.