ورقة هذا تولى تزويج النبي وكان عمره خمسا وعشرين سنة بخديجة ابنة عمه، ففي كل هذا ما يستأنس به على صحة ما ذكرناه.
ومن الواضح أن هذا ليس بمخلّ بقدر النبي عليه السلام وعظمته التي إنما كانت تقوم في الحقيقة على ما امتاز به من عظمة الخلق وقوة العقل وصفاء النفس وكبر القلب وعمق الإيمان والاستغراق بالله، ولقد قرر القرآن طبيعة النبي البشرية، وهذا متصل بهذه الطبيعة التي من البديهي جدا أن لا تتناقض مع وقوف النبي على ما كان متداولا في بيئته أو في أي بيئة ونحلة تيسّر له الاتصال بأهلها من أقوال وأفكار وأخبار وعقائد وتقاليد وظروف وأحداث حاضرة وغابرة، بل إن من البديهي جدا أن يكون واقفا على كل ذلك غير غافل عنه، وإن هذا هو المعقول الذي لا يمكن أن يصح في العقل غيره. وإننا لنشعر بالدهشة مما أبداه ويبديه بعض العلماء من حرص على توكيد كون النبي لم يكن له معارف مكتسبة مما لا يتسق مع المنطق والمعقول والبديهي توهما بأن في هذا مأخذا ما على كون ما بلّغه النبي من القرآن إنما أتى من هذه المعارف، ونرى في هذا التوهم خطأ أصليا في تلقي معنى الرسالة النبوية التي هي هداية وإرشاد ودعوة والتي لا يعهد بمهمتها العظمى إلا لمن يكون أهلا لها في عقله وخلقه وقلبه وروحه كما ذكرت آية الأنعام [٢٤] اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ كما أنه آت فيما يتبادر لنا من عدم ملاحظة كون القرآن قسمين متميزين أسسا ووسائل.
حيث يظنون على ما يبدو أن اكتساب المعارف والاطلاع على ما عند الناس من أخبار وأفكار إنما هو حصر على القارئ الكاتب، وليس هذا صحيحا دائما كما أنه ناشىء عن قياس الغائب بالحاضر وهو قياس مع الفارق. والآيات بسبيل تقرير