٢- وقالوا ورووا في صدد جملة ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ أن الدواب والطيور تحشر يوم القيامة وتحاسب ويقضى بينها ثم يقول الله لها كوني ترابا فتكون ترابا. وأوردوا أحاديث في ذلك منها حديث رواه الإمام أحمد عن أبي ذر قال:
«إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى شاتين تنتطحان فقال يا أبا ذرّ هل تدري فيم تنتطحان؟
قال: لا، قال: ولكن الله يدري وسيقضي بينهما» . وحديث رواه الإمام أحمد عن عثمان قال:«إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الجماء لتقتص من القرناء يوم القيامة» وحديث غير معزو للنبي صلى الله عليه وسلم أخرجه عبد الرزاق عن أبي هريرة جاء فيه: «يحشر الخلق كلهم يوم القيامة البهائم والدواب والطير وكل شيء فيبلغ من عدل الله يومئذ أن يأخذ للجماء من القرناء ثم يقول كوني ترابا فتكون ترابا» . وهناك حديث رواه مسلم والترمذي عن أبي هريرة قال:«قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لتؤدى الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء» ولقد عقب الطبري على كل هذا بقوله إنه ليس في الآية صراحة عن وقت الحشر وليس هناك خبر ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك فجائز أن يكون الحشر ليوم القيامة كظاهر الآية وجائز أن يكون بمعنى أنه جامعهم وحاشرهم إليه بالموت. ونرى هذا سديدا والوقوف عنده أسلم. ويظهر من هذا أن حديث مسلم والترمذي لم يثبت عنده. وإذا صح فالحكمة المتبادرة منه هي قصد التوكيد والتشديد على المؤمنين بأداء حقوق بعضهم إلى بعضهم وعدم ظلمهم بعضهم لبعض، والله أعلم.
٣- أما جملة ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ فهناك من أول الكتاب بأم الكتاب أو اللوح المحفوظ الذي روى أن الله تعالى أمر بكتابة كل ما هو كائن حين خلقه عليه وقد علقنا على ذلك بما فيه الكفاية في سورة البروج ورجحنا أنه يعني علم الله المحصي لكل شيء. وهناك من أولها بعلم الله المحيط بكل خلقه الذي لا ينسى من رزقه وتدبيره أحدا ولا شيئا ومنهم من أول الكتاب في الجملة بالقرآن وأورد آية سورة النحل هذه: وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ [٨٩] لتأييد تأويله. وقد ردّ قائلو هذا على من قال إن القرآن ليس فيه تفاصيل كل علم وفن