للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١١) مشتبها وغير متشابه: مشتبه في الخلق والشكل والورق واللون غير متشابه في الثمر والطعم. أو منها ما هو متشابه في الشكل واللون والورق والثمر والطعم ومنها ما هو غير متشابه.

(١٢) انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه: ينعه بمعنى نضجه وبلوغه ومعنى الجملة انظروا كيف يبدأ ثمره ثم ينمو حتى ينضج.

احتوت الآيات تنويها تقريريا بمظاهر قدرة الله تعالى وعظمته وبديع نواميس كونه في خلقه الحب والنوى وإخراجه الحي من الميت والميت من الحي. وفي خفاء وحركات الشمس والقمر والليل والنهار والنجوم وما يكون من هدايتها الناس في البر والبحر. وفي الماء الذي ينزل من السماء فينبت به متنوع النبات والشجر ذات الألوان والأشكال المتشابهة في المنظر المتغايرة في الثمر والطعم. وفي الإنسان الذي خلقه الله في الأصل نفسا واحدة ثم جعله سلالة يتوالد بعضها من بعض فتكون نسمة الحياة مستودعة في أصلاب الرجال ثم مستقرة في أرحام النساء. وفي جعله ينتفع بكل هذه المظاهر والنواميس في مختلف ظروف حياته ومعاشه ويقيم به أوده ويحمي به نفسه. وأسلوبها قوي نافذ، وقد انتهى كل مقطع منها بالتنبيه مرة على ما في هذه المظاهر من دلائل على وجود الله واستحقاقه للعبادة والخضوع له وحده، ومرة بالتنديد بالناس لانصرافهم عن التفكير في ذلك، ومرة بالتنويه بأن الله إنما يفصل الآيات للنبهاء والعقلاء والعلماء ليتدبروا فيها وليؤمن من حسنت نيته ورغب في الهدى.

وورود ضمير المخاطب الجمع فيها أولا وأسلوب خواتمها ثانيا يدلان على أن الآيات موجهة للكفار في الدرجة الأولى على سبيل التنديد بهم على تجاهلهم ما في الكون من مظاهر رائعة ينتفعون بها، وتدل على قوة الله تعالى وشمول قدرته وربوبيته، ثم على وقوفهم من الدعوة إليه وحده موقف المكابر الجاحد، وافترائهم عليه الكذب وإشراكهم غيره معه. وهي والحالة هذه متصلة بمواقف الحجاج والمناظرة التي ما فتئت فصول السورة تحكيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>