فوجدها آخر فمرضت عنده فقالت له امرأته أنحرها فأبى فنفقت فقالت له اسلخها حتى نقدد شحمها ولحمها فنأكله فقال لا حتى أسأل رسول الله فأتاه فسأله فقال هل عندك غنى يغنيك قال لا قال كلوها» . والأحاديث وإن لم ترد في الصحاح فإن فيها توافقا لروح الآيات وبيان لمداها. ولقد عقب ابن كثير على هذه الأحاديث فقال إن تناول المحرمات واجب إذا خاف المسلم على نفسه ولم يجد غيرها، وأورد حديثا أخرجه الإمام أحمد وابن حبان عن ابن عمر مرفوعا قال:
«قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يجب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته» .
وحديثا آخر أخرجه الإمام أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من لم يقبل رخصة الله كان عليه من الإثم مثل جبل عرفة» . والحديثان وإن لم يردا في الصحاح فإن ما فيهما متسق مع فكرة الرخصة القرآنية كما هو المتبادر. ولقد أورد ابن كثير حديثا رواه الحكم وابن مردويه عن ابن عباس جاء فيه:«كان أهل الجاهلية يأكلون أشياء ويتركون أشياء تعذّرا فبعث الله نبيّه وأنزل كتابه وأحلّ حلاله وحرّم حرامه فما أحلّ فهو حلال وما حرّم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو. وقرأ آية الأنعام التي نحن في صددها» . وهناك حديث رواه أبو داود والترمذي والحاكم وصححه أيضا جاء فيه:«سئل النبيّ صلى الله عليه وسلم عن السّمن والجبن والفراء فقال الحلال ما أحلّ الله في كتابه والحرام ما حرّم الله في كتابه وما سكت عنه فهو ممّا عفا عنه»«١» .
وينطوي في الحديث حصر التحريم والتحليل في المأكولات في كتاب الله واعتبار ما سكت عن ذكره القرآن مباحا. غير أن هناك أحاديث عديدة تبدو لأول وهلة أنها مناقضة للمبدأ الذي قرره هذا الحديث، وإخلال لنطاق التحريم الذي حددته الآية التي نحن في صددها.
منها حديث رواه أبو داود والترمذي عن المقدام بن معدي كرب عن رسول