للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الله بن شبل: «أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل الضبّ» . وهذا الحديث لم يرد في التاج الذي جمع مؤلفه فيه أحاديث الخمسة البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي على ما قال في مقدمته.

وتعليقا على ذلك نقول:

أولا: إن الأحاديث التي فيها تحليل وتحريم جديدان قد صدرت عن النبي صلى الله عليه وسلم في العهد المدني. والآية التي نحن في صددها مكية فليس ما يمنع أن يكون الله تعالى قد أوحى لرسوله وحيا غير قرآني فيه تعديل وتوسيع لمدى الآية.

ثانيا: إن ما جاء في الحديثين اللذين يذكران أن الحلال ما أحله الله في كتابه والحرام ما حرم الله في كتابه وما سكت عنه فهو عفو قد صدرا على الأرجح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الأحاديث التي فيها تحليل وتحريم جديدان. ثم أجرى الله على لسانه هذه الأحاديث بقصد التيسير والتوضيح والتنبيه. وهذا ما انطوى في الحديث المروي عن المقدام بن معدي كرب حيث يلمح أن القصد فيه هو بيان أن الله تعالى قد ألهم ويلهم النبي صلى الله عليه وسلم أشياء كثيرة لم ترد في القرآن ليحدث الناس بها أمرا ونهيا وتشريعا وخطة وتحذيرا وتمثيلا وأخبارا مغيبة إلخ ... والأخذ بكل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم مما ليس في القرآن واجب لأن الله جعل النبي المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن وأمر بردّ كل ما يتنازع فيه المسلمون إلى الله الذي يمثله القرآن وإلى الرسول الذي تمثله أحاديثه بعد موته إذا ثبتت عنه على ما جاء في آية سورة النساء: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ [٥٩] وقد أمر الله بأخذ كل ما أمر به الرسول والانتهاء عن كل ما نهى في آية سورة الحشر هذه: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [٧] وقد جعل الله طاعة الرسول من طاعة الله في آية سورة النساء هذه: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ [٨٠] .

<<  <  ج: ص:  >  >>