ولقد علقنا بما فيه الكفاية على قصص داود وسليمان في سياق تفسير السورتين المذكورتين فلا نرى ضرورة لإعادة ما قلناه، غير أننا ننبه إلى أن في الآيات هنا أشياء لم ترد في السورتين مثل: إلانة الحديد لداود وصنعه الدروع، وإسالة عين القطر لسليمان، ومثل تعيين المسافة التي كان يقطعها الريح المسخر لسليمان في الغدوّ والروح، وتفصيل ما كان يصنعه الجن لسليمان من منشآت عظيمة.
وهذه الزيادات أيضا لم ترد في أسفار العهد القديم المتداولة اليوم التي تقص سيرة داود وسليمان عليهما السلام، غير أن هذا لا يعني أنها لم ترد في أسفار أخرى كانت متداولة وفقدت بل نحن نعتقد ذلك كما هو الأمر فيما ورد في القرآن مما لم يرد في الأسفار المتداولة من قصص بني إسرائيل وأنبيائهم على ما ذكرناه في المناسبات السابقة.
ولقد أورد المفسرون «١» في سياق هذه الآيات بيانات كثيرة في صدد هذه الزيادات منسوبة إلى علماء السير والأخبار. ولسنا نرى طائلا في إيرادها هنا لأن ذلك لا يتصل بأهداف القصص القرآنية فضلا عما فيها من تزيد ومفارقات، مع التنبيه إلى أن ذلك مما يدل على أن هذه الزيادات ليست غريبة عن سامعي القرآن، ومما كان متداولا بينهم، ومصدره على الأرجح بنو إسرائيل الذين كانوا بين ظهرانيهم.
ولقد كان من جملة ما أوردوه حديث أورده الطبري عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كان سليمان نبيّ الله إذا صلّى رأى شجرة نابتة بين يديه فيقول لها ما اسمك فتقول كذا فيقول لأيّ شيء أنت فإن كانت تغرس غرست وإن كانت لدواء كتبت فبينما هو يصلّي ذات يوم إذ رأى شجرة بين يديه فقال لها: ما اسمك؟
قالت: الخروب. قال: لأيّ شيء أنت؟ قالت: لخراب هذا البيت. فقال سليمان:
(١) انظر تفسير الآيات في كتب تفسير الطبري والخازن وابن كثير والطبرسي مثلا، وانظر أيضا تاريخ الطبري ج ١ ص ٣٣٦- ٣٥٠.