عن الآخر خوف الخزي والفضيحة على نحو ما يجري بين الناس في الدنيا، ويمكن أن تكون بمعنى شعروا في داخل صدورهم بالندامة.
بدأت الآيات بحكاية قول للكفار، وهو توكيدهم القاطع بعدم تصديقهم وإيمانهم بالقرآن ولا بما جاء قبل القرآن من الكتب السماوية. وأعقبت حكاية قولهم بسرد ما سوف يكون من أمرهم في الآخرة حينما يقفون أمام الله ويرون يقين ما أوعدوا به من حساب وعذاب وأغلال في الأعناق حيث يستشعرون الندامة على ما كان منهم، وحيث تقع محاورة بين المستضعفين والمتكبرين أو التابعين من العامة والمتبوعين من الزعماء فيقول الأولون للآخرين لولا أنتم لكنا آمنا وصدقنا ويردّ الآخرون منكرين منعهم عن الهدى وملقين تبعة ضلالهم عليهم ومقررين أنهم كانوا مجرمين ضالين بطبيعتهم ويردّ التابعون مرة أخرى على الزعماء مذكّرين بما كان منهم من تحريض وتآمر واجتماعات في الليل والنهار وحثّ على التمسك بالشركاء والكفر بالله ورسوله. وقد انتهت الآيات بسؤال إنكاري فيه معنى التنديد والتقرير بأنهم إنما يجزون بما كانوا يعملون.
ولم نطلع على رواية خاصة في سبب نزول هذه الآيات، والمتبادر أنها متصلة بموقف المناظرة والجدل الذي ما فتئت الآيات السابقة تشير إليه ثم بموقف إصرار الكفار على عنادهم وجحودهم وبمثابة ردّ تنديدي وإرهابي عليهم أولا.
وفيها إشارة إلى الدور الذي كان يلعبه الزعماء في الصدّ والتعطيل والتحريض ضدّ النبي صلّى الله عليه وسلم ودعوته، وما كان لهم من أثر فعال في بقاء الأكثرية الكبرى في صف الكفر والجحود في العهد المكي من السيرة النبوية ثانيا. وفيها أمارة ما على ما أثارته الدعوة المحمدية من حركة في أوساط مكة وأفكار أهلها على اختلاف فئاتهم ثالثا.
ويلحظ أن الآية الأولى قد حكت قول الكفار بأنهم لن يؤمنوا في حين أن من الثابت اليقيني أن كثيرا من الذين حكي عنهم هذا القول قد آمنوا وحسن إيمانهم قبل الهجرة وبعدها حيث يسوغ القول إن هذا من باب تسجيل واقع الكفار حين