للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيء من التعليق لأن كتب المفسرين مستفيضة به فنقول: إن كلمة المسيح هي نفس كلمة (مسيا) العبرانية والمقصود بها رجل يمسح الرئيس الديني بالدهن على رأسه ويملك على اليهود وفقا لتقاليدهم.

وفي سفري صموئيل الأول والثاني في الطبعة البروتستانتية وسفري الملوك الأول والثاني في الطبعة الكاثوليكية خبر مسح أول ملك بالدهن وهو طالوت حيث طلب بنو إسرائيل من كاهنهم الأكبر أن يجعل لهم ملكا فاختار لهم طالوت بأمر الله ومسح رأسه بالزيت وقال له: إن الربّ مسحك قائدا على ميراثه»

وصار يدعى مسيح الرب «٢» . وكان هذا شأن داود وملوك بني إسرائيل من بعدهما. واليهود يعتقدون استنادا إلى ما في أيديهم من أسفار وبخاصة في سفر نبوءة أشعيا من بشارات بظهور مسيح للربّ يملك عليهم ويصلح حالهم ويقوم معوجهم ويعيد لهم مجدهم. ولما ظهر عيسى عليه السلام ظن بعضهم أنه المسيح المنتظر «٣» فلما رأوه يخالف منهجهم ويهاجم رجال الدين المنحرفين عن الشريعة ويدعو جميع الناس إلى الله عز وجل بدون اختصاص لبني إسرائيل ويبشر بملكوت السموات دون ملكوت الأرض كذبوه وناوأوه وصاروا يلقبونه بمسيح الربّ وملك اليهود استهزاء وسخرية «٤» . ثم ظلوا ينتظرون مسيحا، وقد ظهر عدة مسحاء من اليهود بعد عيسى ولكنهم جحدوهم ونعتوهم بالكذابين أيضا. وكلمة الدجال وردت في الأحاديث النبوية المروية، ومعنى الكلمة: المضلل الكذاب. فمن الطبيعي أن يكون هذا الوصف غير يهودي لأنه لا يعقل أن يسمي اليهود مسيحهم المنتظر به كما ذكرت الرواية التي رواها المفسرون وأوردناها قبل. والمتبادر أنه نعت نصراني على اعتبار أن المسيح الصادق قد ظهر وهو عيسى وأن ما ينتظره اليهود مسيح كذاب ودجال.

وأن هذا النعت مقابلة مسيحية لما كان ينعت به اليهود عيسى ابن مريم عليه السلام


(١) انظر الإصحاحين ٩ و ١٠ من صموئيل الأول.
(٢) انظر الإصحاح ٢٤ من السفر نفسه. [.....]
(٣) انظر مثلا الإصحاح ١٦ من إنجيل متى.
(٤) انظر مثلا الإصحاح ٢٧ من إنجيل متى والإصحاح ١٥ من إنجيل مرقس.

<<  <  ج: ص:  >  >>