توضيح لمدى الجملة وتبشير وتطمين مستمران للمؤمنين المخلصين متساوقان مع ما انطوى فيها.
ووصف المشركين بوصفي الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (٧) جدير بالتنويه حيث يمكن أن يكون بقصد وصفهم بأظهر سببين جعلاهم يقفون موقف الجحود من الرسالة النبوية. ولقد شغل هذان السببان حيزا كبيرا في القرآن وبخاصة المكي منه مما مرت منه أمثلة كثيرة حيث يؤيد هذا ما قلناه من أنهما أظهر سببين فاقتضت حكمة التنزيل وصف المشركين بهما هنا.
ولقد روى بعض المفسرين «١» في سياق تفسير هذه الآيات رواية ينطوي فيها صورة لما كان من تأثير القرآن على بعض زعماء قريش حينما كانت تتيح لهم الفرص سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم على انفراد حيث روي أن زعماء قريش كلفوا أحدهم عتبة بن ربيعة ليأتي النبي صلى الله عليه وسلم فينصحه بالكفّ عما هو فيه ويعرض عليه باسمهم ما يرضاه من مطالب الدنيا فجاء إليه وقال له فيما قال: إنك قد أتيت قومك بأمر عظيم، فرقت به جماعتهم، وسفهت به أحلامهم، وعبت به آلهتهم ودينهم وكفرت به من مضى من آبائهم، فاسمع مني أعرض عليك أمورا لعلك تقبل منها بعضها. فقال له: قل أسمع. فقال: إن كنت تريد مالا جمعنا لك أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت تريد شرفا سودناك حتى لا نقطع دونك أمرا، وإن كنت تريد ملكا ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا- جنيا- طلبنا لك الأطباء وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك. فلما انتهى قال له: استمع مني ثم أخذ يقرأ هذه السورة حتى بلغ موضع السجدة منها فسجد، فسجد معه عتبة ثم انصرف إلى قومه متغير الوجه فسألوه فقال لهم: إني سمعت كلاما حلوا نافذا ما هو بقول شاعر ولا سجع كاهن ولا نفث ساحر ثم اقترح عليهم أن يخلوا بينه وبين العرب فإن تصبه العرب فقد كفوه بغيرهم وإن يظهر عليهم فملكه ملكهم وعزه عزهم وكانوا أسعد الناس به. فقالوا له: سحرك والله