وقد احتوت الآية الأولى أمرا للنبي صلى الله عليه وسلم بتوجيه سؤال إنكاري وتقريعي للكفار عما تكون حالتهم إذا كان ما يسمعونه هو من عند الله حقا ثم كفروا به وعما إذا كان هناك من هو أشد ضلالا وأبعد في السخف والباطل ممن يقف موقف المعارضة والمشاققة بدون علم وبينة، وقد انطوى في صيغة الآية وروحها تقرير ضلالهم وسخفهم وموقفهم الباطل.
واحتوت الآية الثانية إنذارا لهم بأن الله سيريهم آياته في أنفسهم وفي الآفاق حتى يجعلهم يتيقنون بأن ما جاءهم هو الحق، وتدليلا على قدرة الله على ذلك بأنه شهيد على كل شيء.
واحتوت الآية الثالثة تقريعا بأسلوب التنبيه والتعجب للكفار على شدة شكهم في لقاء الله والوقوف بين يديه وتذكيرا بأسلوب التنبيه بأن الله يحيط بكل شيء مما فيه برهان على قدرته عليهم وأنهم لن يفلتوا منه ولن يعجزوه.
وقد جاءت الآيات خاتمة قوية لموقف الجدل والإنذار وخاتمة قوية للسورة معا مما جرى عليه الأسلوب القرآني ومرت أمثلة عديدة له. وقد استهدفت فيما استهدفته تثبيت النبي صلى الله عليه وسلم وتطمينه من جهة وإثارة الندم والخوف والارعواء في نفوس المشركين من جهة أخرى.
وقد تعددت تأويلات المفسرين لجملة سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ حيث قالوا إنها عنت آيات الله ودلائل وحدانيته وربوبيته في مختلف مشاهد الكون ونواميسه وفي تركيب أجسامهم أنفسهم كما قالوا إنها عنت ما تحقق من وعد الله ووعيده بما كان من هلاك طواغيت الكفر منهم في بدر وغيرها وفتح مكة واعتراف جمهور العرب بأن الإسلام هو دين الحق ودخولهم فيه ثم انتصار الإسلام وانتشاره في آفاق الدنيا.
وكلا القولين وجيه ووارد، والقول الثاني متسق مع البشائر والتطمينات القرآنية العديدة التي مرّ بعض أمثلة منها.