الآيتان معقبتان على الآيات السابقة، ومتممتان لما احتوته الآية السادسة بخاصة، التي وجه فيها الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم حيث احتوت أولاهما تنبيها له أيضا بأن الله إنما أوحى إليه بالقرآن بلسان عربي لينذر أهل مكة وما حولها ويدعوهم إليه وينذرهم بيوم القيامة الذي لا ريب في مجيئه والذي سوف يكون الناس فيه فريقين فريقا في الجنة وفريقا في النار.
وهذه هي مهمته وهو غير وكيل على أحد ولا مسؤول عن أحد كما ذكرت الآية التي قبلها. وقد احتوت الآية الثانية تنبيها آخر للنبي صلى الله عليه وسلم على أن الله قادر لو شاء على جعل الناس أمة واحدة ولكن حكمته اقتضت أن يكون منهم الصالحون المستجيبون الذين يهتدون بهديه ويدخلهم في رحمته وينالون برّه، والظالمون المنحرفون الفاسدون الذين لن يكون لهم ولي ولا نصير.
والآيتان مع الآية السادسة التي قبلها هي بسبيل بيان مهمة النبي صلى الله عليه وسلم الإنذارية والتبشيرية من جهة وتسليته عن موقف الجحود الذي يقفه الكفار المشركون من جهة أخرى كما هو المتبادر. وفي كلمة وَالظَّالِمُونَ في الآية الثانية من الآيتين دليل على أن المقصود من (الذين يشاء الله تعالى أن يدخلهم في رحمته) هم الفريق الذي تحلى بحسن النية ورغب في الحق والهدى وابتعد عن الظلم والهوى. بحيث يمكن أن يقال إن هذه الآية بسبيل بيان حكمة الله تعالى في جعل الناس ذوي إرادة واختبار. فالراغبون في الحق والهدى وذوو النيات الحسنة يختارون الهدى فيدخلون في رحمة الله وينالون رضاءه. والمنحرفون عن الحق ذوو النيات الخبيثة يختارون الضلال فيستحقون غضب الله ومقته ولا يمكن أن يكون لهم ولي يحميهم ولا ناصر ينصرهم. وفي آية سورة الأعراف: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ