تجردت عن هذه الرسالة فقدت ميزة عظمى تتميز بها بين الأمم. وليس من شأن هذا أن يتناقض مع المسيحية التي انتقلت إليهم من أسلافهم آليا لأسباب وظروف مختلفة، ولا سيما إن الرسالة الإسلامية شقيقة متممة للرسالة المسيحية وإن المسيح ومحمد صلى الله عليهما وسلم يمتان إلى الجنس العربي. وكل ما في الأمر أن الأول يمتّ إلى جيل سابق لدور العروبة الصريح، وقد أوجب كتاب الله وسنة رسوله على المسلمين احترامه وتكريمه وتقديسه والاعتراف بنبوته وصلة الله به ومعجزة ولادته.
وكل هذا يجعل الذين يحاولون فصل الإسلام عن العروبة من العرب سواء أكانوا مسلمين أم غير مسلمين مستحقين لنعت المجرم القومي أو الدعي القومي.
من حيث إن ميزة الإسلام هي ميزة العروبة الكبرى من شأنها أن تمد العرب والإنسانية بأرقى ما يمكن أن يتصور من مثل عليا وقيم أخلاقية وحوافز قوية نحو الخير والتقدم والرقي والتكامل في كل مجال من مجالات الحياة المادية والمدنية ويكون العرب بها وحسب أصحاب رسالة عالمية خالدة ومن حيث إن فقد العرب لهذه الميزة خسارة بل كارثة قومية وإنسانية. كما يجعل المسلمين الذين يحاولون فصل العروبة عن الإسلام سواء أكانوا عربا أم غير عرب منحرفين عن ما قرره القرآن من شأنية العرب العظمى في الرسالة الإسلامية المتمثلة في حكمة الله عز وجل بجعل نبيها عربيا وكتابها عربيا وبجعل العرب أمة وسطا شهداء على الناس وتقرير مسؤوليتهم عنها.
وإذا كنا نقول إن من حق العرب وواجبهم أن يعتزوا بالرسالة الإسلامية وأن يبذلوا جهدهم لإصلاح أنفسهم حتى يكونوا لائقين بها وقادرين على القيام بواجبهم نحوها فإن غير العرب من المسلمين لا يفقدون هذا الحق ولا يرتفع عنهم هذا الواجب. لأن كل ما اتصفت به الرسالة الإسلامية وهدفت إليه قد صار وصفا وهدفا للمسلمين جميعهم.