جاعل في الأرض خليفة بدلا منكم ورافعكم إلي فكرهوا ذلك لأنهم كانوا أهون الملائكة عبادة.
(١٧) كان إبليس من حي من الملائكة وقيل من الجن ممن يولد له ويأكلون ويشربون بمنزلة الآدميين، ومن الجن من هو بمنزلة الريح لا يأكلون ولا يشربون ولا يتوالدون. وقيل إن إبليس يدخل ذنبه في دبره فيبيض فتنفلق البيضة عن جماعة من الشياطين، وإن من أولاده لا قيس ولهاب والهفاف ومرة وزنبور وبتر والأعور ومطوس وداسم، ومنهم من يتولى إفساد الصلاة وآخر يتولى التنجيس وآخر يزين اللغو والأيمان الكاذبة وآخر يغري بالزنا فينفخ في إحليل الرجل وعجيزة المرأة.
وهذا قليل من كثير من هذا الباب مما يكاد يكون من عمد أكثر كتب التفسير القديمة، وفيه ما هو ظاهر من الإغراق والمفارقات ودلائل الجهل بما كان معروفا من الحقائق الكونية حتى ليدهش المرء من جوازه على علماء أعلام ونقلهم إياه بأساليب وسياقات تدل على أنهم مندمجون فيه ومنزلوه منزلة الحقائق أو على الأقل غير شاكين فيه ولا مكذبيه، وأنهم يرمون أو يرمي بعضهم إلى التوفيق بين مختلف الآيات والتعابير القرآنية وإلى شرحها وتعليل مداها، وفي ذلك ما هو واضح من أسباب التشويش على أهداف القرآن وصرف الذهن عن مراميه، وجعل كتب التفسير معرضا لكثير من المفارقات والمبالغات والمنتحلات والمدسوسات.
ومما هو جدير بلفت النظر أن بعض الباحثين والناظرين في القرآن بل ومفسريه من المتأخرين والمعاصرين قد ولعوا بمثل ذلك الولع مع تعديل اقتضته تطورات العلوم والمفاهيم، حيث نراهم يحاولون استنباط النواميس العلمية والفنية واستخراج نظريات الدورات الشمسية والقمرية والأرضية وكروية الأرض ونظام الأفلاك والمطر وأطوار النشوء ونمو الأحياء وانفتاق الأرض والسماء والذرة والكهرباء إلخ إلخ من بعض الآيات القرآنية، أو يحاولون تطبيق النظريات العليمة والفنية المتصلة بنواميس الكون والتكوين والشمس والقمر والسماء والأرض والحياة والكهرباء والبرق والرعد إلخ إلخ على بعض الآيات القرآنية ليدللوا على