في الآيات حكاية لما كان يقوله الكفار في إنكار البعث حيث كانوا يقولون إننا سنموت موتة أبدية لن نقوم بعدها. ثم يتحدون النبي صلى الله عليه وسلم الذي ينذرهم بالبعث طالبين منه الإتيان بآبائهم أي إحياءهم إن كان صادقا في إنذاره، وردّ عليهم بصيغة التساؤل الإنكاري عما إذا كانوا هم خيرا وأقوى من قوم تبّع ومن قبلهم من الأمم التي أهلكها الله تعالى لأنها وقفت موقف الكفر والإنكار. وتنبيه على أن الله سبحانه لم يخلق السموات والأرض وما بينهما عبثا ولعبا وإنما توخّى بذلك الحقّ والحكمة ولو لم يفهم هذه الحقيقة أكثر السامعين.
وواضح أن في الآيات عودة على بدء في حكاية أقوال ومواقف الكفار والتنديد بهم وإنذارهم، كما أن فيها صورة من صور الجدل واللجاج التي كانت تقع بين النبي صلى الله عليه وسلم والكفار، فهي والحالة هذه استمرار للسياق.
وقد يلوح أن اختصاص قوم تبع بالذكر هنا متصل بما كان معلوما عند السامعين من ملك تبابعة اليمن وقوتهم وعظمة شأنهم. ولقد أورد المفسرون «١» في سياق هذه الآيات بيانات غير يسيرة من ذلك معزوة إلى علماء الصدر الإسلامي الأول فيها المعقول وغير المعقول وفيها الدلالة على كل حال على ما كان مستقرا في أذهان السامعين من ذلك. ولقد سبق تعريف بتبع وقومه في سياق سورة (ق) فلا نرى ضرورة للتكرار. ولقد أورد المفسرون في صدد هذه الآيات بعض الأحاديث عن إسلام تبع فلم نر بأسا في إيرادها إتماما للصورة مع التنبيه على أنها لم ترد في كتب الأحاديث الصحيحة. منها حديث رواه الإمام أحمد وابن أبي حاتم عن ابن عباس وسهل بن سعد الساعدي بطرق مختلفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا تسبّوا تبّعا فإنّه قد أسلم» وحديث رواه أبو حاتم الرقاشي أن عائشة كانت تقول: «لا تسبّوا تبعا فإنه كان رجلا صالحا» .
ولقد عقب الطبري والبغوي على جملة ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِّ بأنها تعني للاختبار في الدنيا للثواب على الطاعة والعقاب على المعصية. ومع أن معنى
(١) انظر تفسير الآيات في تفسير الطبري والبغوي وابن كثير والخازن.