للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيما سأل أيّ عباده أعلم؟ قال: الذي يبتغي علم الناس إلى علمه عساه يصيب كلمة تهديه إلى هدى أو تردّه عن ردى، قال: ربّ فهل في الأرض أحد؟ قال: نعم، قال: فمن هو؟ قال: الخضر. ثم تستمر الرواية في القصة في نطاق ما جاء في الآيات وفي الحديث الجامع مع شيء من الزيادة والنقص. وجاء في ثانيتهما عن قتادة أن موسى هو الذي حدثته نفسه بأنه ليس على وجه الأرض من هو أعلم منه فكره الله له ذلك وأراد أن يعرّفه أن من عباده في الأرض من هو أعلم منه وأنه لم يكن له أن يحتم على ما لا علم له به ولكن كان ينبغي له أن يكل ذلك إلى عالمه.

وننبه على أن القصة لم تذكر في أسفار العهد القديم، ولكن هذا لا يمنع أن تكون واردة في أسفار إسرائيلية لم تصل إلينا ما دام أن موسى هو النبي المشهور، شأن كثير من القصص الإسرائيلية التي وردت إشارة ما إليها في القرآن ولم ترد في الأسفار المتداولة اليوم، على ما نبهنا عليه في مناسبات سابقة. والروايات العديدة في صددها «١» التي فيها زيادات أو بيانات أكثر مما جاء في الآيات قد تدل على أن القصة مما كان معروفا في بيئة النبي صلى الله عليه وسلم والمصدر المرجح لذلك هم اليهود وأسفارهم.

ونحن في صدد القصص القرآنية عامة على اعتقاد أنها أوردت لتدعيم الدعوة النبوية ومن أجل ما احتوته من مواضع العبرة والموعظة والتمثيل والتذكير، ونعتقد أن هذا يشمل هذه القصة أيضا وإن كانت تبدو أنها جاءت مستقلة عن السياق السابق أولا وجاءت كقصة لذاتها ثانيا.

فمما قاله الطبري إن هذه القصص التي أخبر الله عز وجل نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بها عن موسى وصاحبه تأديب منه له وتقدم إليه بترك الاستعجال بعقوبة المشركين الذين كذبوا واستهزأوا به وبكتابه وإعلام منه له أن أفعاله بهم وإن جرت فيما ترى الأعين بما قد يجري مثله أحيانا لأوليائه فإن تأويله صائر بهم إلى أحوال أعدائه فيها كما كانت أفعال صاحب موسى واقعة بخلاف حقيقة الصحة في الظاهر عند


(١) انظر تفسير الطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>