للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمعته من رسول الله فأبكاني. سمعته يقول: أتخوف على أمتي الشرك والشهوة الخفية، قلت: يا رسول الله أتشرك أمتك من بعدك؟ قال: نعم، أما إنهم لا يعبدون شمسا ولا قمرا ولا حجرا ولا وثنا ولكن يراؤون بأعمالهم، والشهوة الخفية أن يصبح أحدهم صائما فتعرض له شهوة من شهواته فيترك صومه» . وأورد ابن كثير إلى هذا وفي سياق الآية أحاديث أخرى من هذا الباب منها حديث أخرجه البزار عن أبي هريرة قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله يوم القيامة أنا خير شريك من أشرك بي أحدا فهو له كلّه» . وحديث أخرجه الإمام أحمد عن محمود بن لبيد قال:

«قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنّ أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء، يقول الله يوم القيامة إذا جرى الناس بأعمالهم:

اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء» .

وحديث رواه الإمام أحمد أيضا عن أبي سعيد بن أبي فضالة الأنصاري قال:

«سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم لا ريب فيه نادى مناد من كان أشرك في عمل عمله لله أحدا فليطلب ثوابه من عند غير الله فإن الله أغنى الشركاء عن الشّرك» والحديث الأخير فقط ورد في كتب الأحاديث الصحيحة الشهيرة وقد رواه مسلم والترمذي «١» . وقياسا على ذلك تكون صحة الأحاديث الأخرى محتملة.

وفي الأحاديث توضيح لمدى الآية الثانية التي وردت الأحاديث في صددها وتحذر من أي نوع من أنواع الشرك سواء كان في العقيدة واتخاذ شركاء لله مع الله أم في الأعمال وبيان بأن المقبول عند الله والنافع للمسلم هو ما كان خالصا لله تعالى وحده من ذلك وحثّ عليه. وهذا متسق مع مدى الآية ومدى التلقينات القرآنية عامة ثم مع مدى الطابع المميز للعقيدة الإسلامية بوحدانية الله تعالى دون أي شائبة ولا تأويل ولا اختصاص ولا تعقيد وبالاقتصار على الخضوع له والتعلّق به ونبذ كل ما سواه من قوى أخرى.


(١) التاج ج ٤ ص ١٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>