ولسوف يعلنون استسلامهم ويتنصلون من آثامهم ولكن ذلك لن يجديهم شيئا فإن الملائكة سوف يدمغونهم بالحق ويقولون لهم إن الله عليم بما كانوا يفعلون. وأنهم قد استحقوا النار ثم يأمرونهم بدخول أبواب جهنم ليكونوا خالدين فيها، وهي المثوى الذي يستحقه المستكبرون ولبئس هي من مثوى.
والآيات معطوفة على ما سبقها وهي استمرار لحملة التأنيب والإنذار.
وأسلوبها ومضمونها قويان مرعبان، والمتبادر أنها استهدفت فيما استهدفته إثارة الخوف والرعب والندم في قلوب الكفار المشركين وحملهم على الارعواء.
وعبارة وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ تلهم أن الجملة موجهة بصورة خاصة لزعماء الكفار وشارحة لمواقفهم وأقوالهم ومقررة أنهم السبب في بقاء دائرة الدعوة المحمدية ضيقة النطاق في العهد المكي مما تكرر تقريره في مواضع كثيرة في القرآن ومرت منه أمثلة عديدة.
وفي الآيات تأييد لتعليقنا على الآيات السابقة في صدد كون الدعوة المحمدية قد توسلت بالعذاب والوعيد الدنيوي والأخروي معا.
ولقد روى الطبري بطرقه في سياق الآية [٢٥] حديثا عن الربيع قال: «قال النبي صلى الله عليه وسلم أيّما داع دعا إلى ضلالة فاتبع فإنّ عليه مثل أوزار من اتبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شيء وأيّما داع دعا إلى هدى فاتبع فله مثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيء» . وقد روى هذا الحديث مسلم وأبو داود والترمذي بصيغة قريبة جدا جاء فيها:«من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا»«١» وفي الحديث تلقين متساوق مع التلقين الذي انطوى في الآية كما هو المتبادر.