للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تدليلهم على قولهم إن ابن مسعود كان يقرأ (امهلونا) مكان انْظُرُونا في سورة الحديد [١٣] ، وأن أبيّا كان يقرأ (سعوا) بدل مَشَوْا في سورة البقرة [٢٠] ، وأن ابن مسعود أجاز للقارىء أن يقرأ (طعام الفاجر) بدل طَعامُ الْأَثِيمِ (٤٤) في سورة الدخان لأنه لم يكن يحسن النطق بكلمة الأثيم.

٢٣- التسهيل في التقديم والتأخير مثل جاءت سكرة الحق بالموت بدلا من وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ في سورة ق [١٩] .

وواضح أن في كل ما ذكرناه في هذا المبحث ثغرات عديدة من شأنها التشويش على القرآن ومداه وعلى الناظر فيه والراغب في تفهمه، وصرف القلب عن روحانيته وأهدافه الوعظية والإرشادية والتذكيرية والتوجيهية، والاستغراق في هذه الناحية حتى تنقلب جمل القرآن وكلماته وحروفه إلى معادلات جبرية ورياضية وكيمياوية وتنجيمية ومنطقية وكلامية وجدلية إلى آخره مما يخرجه عن قدسيته ولا يتسق مع طبيعة توجيهه إلى مختلف طبقات الناس، وما تقتضيه هذه الطبيعة من عدم انطوائه على أسرار ورموز وغوامض غيبت عن فئة دون فئة، واختصت بها فئة دون فئة، كما لا يتسق مع نصوص القرآن الصريحة بأنه أنزل ليكون موعظة وهدى ورحمة للناس كافة، وبأن الناس جميعهم مدعوون إلى تفهمه وتدبره والتزام حدوده الإيجابية والسلبية، وهذا فضلا عن ما في الأقوال أو كثير منها من التكلف والتزيد والتجوز والتحكم، وعن ما يبدو في بعضها من آثار الخلافات الحزبية والسياسية والنحلية والمذهبية من جهة وعما يبدو في بعضها من جهة ثانية من مقاصد الدسّ على القرآن والإسلام من بعض النحل والفرق التي حرصت أن تبثّ في الأذهان أن التكليفات الشرعية معاني وأهدافا مكنونة تخالف ظاهرها، وأن تثير في النفوس نحو القرآن الشكوك والريب، وفضلا عن ما يبدو من جهة ثالثة من مقاصد التجزئة على التبديل والتغيير في نظم القرآن وكلماته من ناحية ما هناك من روايات الخلافات اللفظية والنظمية، ونكاد نجزم أن كثيرا من هذه الروايات الكثيرة جدا والواردة في مختلف كتب التفسير والقراءات والمعزوة إلى الصحابة، والتي

<<  <  ج: ص:  >  >>