بمعنى تقرير إعلانهم الاستسلام والاعتراف بذنوبهم. وقد حكت ذلك عنهم آيات عديدة مرّت أمثلة منها.
(٦) وصدوا عن سبيل الله: منعوا الناس عن سبيل الله.
في الآيات حكاية لما سوف يكون من أمر الكفار يوم القيامة:
ففي ذلك اليوم تقف كل أمة موقف القضاء والمحاسبة ويؤتى بنبيها شهيدا على ذلك، ولن يؤذن لها بالجدل ولن يقبل منها أعذار. ولسوف يصيرون إلى عذاب شديد ليس إلى تخفيفه عنهم أو تأجيله سبيل. وحينما يرون شركاءهم يهتفون قائلين ربنا هؤلاء هم الشركاء الذين ضللنا بسببهم فيكذبهم الشركاء ويجحدونهم فيقعون حينئذ في الخيبة ويفقدون كل أمل أملوه ولا يجدون مناصا من الاستسلام والاعتراف بذنوبهم. ولسوف يكون عذاب الذين لا يكتفون بالكفر بل يحملون غيرهم عليه مضاعفا وزائدا على عذاب عامة الناس بسبب ما كان منهم من فساد وصدّ عن سبيل الله، وحينما يأتي بشهداء كل أمة يأتي بالنبي صلى الله عليه وسلم شهيدا على أمته أيضا.
وقد انتهت الآيات بالفقرة الأخيرة لبيان مهمة النبي: فالله قد أنزل عليه الكتاب ليكون فيه البيان الشافي لكل أمر والتوضيح الكافي لكل حدّ حتى لا يبقى حجة لأحد ولا معذرة وليكون فيه الهدى والرحمة والبشرى للمسلمين.
والآيات معقبة على سابقاتها والاتصال بالسياق قائم. وقد استهدفت فيما استهدفته إنذار الكفار وتخويفهم وحملهم على الارعواء. وكثير مما جاء فيها قد ورد في آيات أخرى في سور سبق تفسيرها. ومع واجب الإيمان بالمشهد الأخروي الموصوف فيها فإن صورة القضاء والمحاسبة والشهود هي من مألوفات الدنيا. وقد يكون من حكمة ذلك قصد التقريب والتمثيل على ما نبهنا عليه في المناسبات العديدة المماثلة.
ولقد روى الطبري عن مجاهد في سياق جملة زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ