يوفوا به في الإسلام «١» . وثانيتهما أنها نزلت في جماعة بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام في مكة مهيبة بهم إلى عدم التراجع والنقض بحجة ضعف النبي وأصحابه وكثرة المشركين.
وروى الطبرسي في سياق الآيات [٩٥- ٩٧] عن ابن عباس أن رجلا من حضرموت اسمه عبدان شكى للنبي صلى الله عليه وسلم شخصا اسمه امرؤ القيس بأنه أخذ أرضا له فلما فاتح النبي صلى الله عليه وسلم هذا أنكر فطلب منه أن يحلف فقال عبدان إنه فاجر لا يبالي أن يحلف، فقال: إن لم يكن لك شهود فخذ بيمينه فلما قام ليحلف أنظره فانصرفا فنزلت: وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إلى آخر الآيتين ... فقرأهما رسول الله فقال امرؤ القيس: أما ما عندي فينفد وهو صادق فيما يقول لقد اقتطعت أرضه ولم أدر كم هي فليأخذ من أرضي ما شاء ومثلها معها بما أكلت من ثمرها فنزل فيه مَنْ عَمِلَ صالِحاً الآية.
ومقتضى رواية الطبرسي أن تكون الآيات الثلاث مدنية لأن الحادث لا يمكن أن يكون حدث إلّا في العهد المدني. ولم نطلع على رواية تؤيد ذلك فضلا عن أنه لا تفهم حكمة وضع آيات مدنية في سياق متصل يوافق كفار مكة. والآيات بعد معطوفة على ما قبلها ومنسجمة معها سبكا وموضوعا مما يسوغ التوقف في صحة الرواية. وكل ما يمكن أن تكون الآيات تليت في ظروف الحادث المروي فالتبس الأمر على الرواة. وروح الآيات ونصها يسوغان استبعاد رواية الطبري الأولى.
والآيات التي تجيء بعد هذه الآيات بقليل تجعل احتمال صحة رواية الطبري الثانية قويا على ما سوف نشرحه بعد.
على أننا ننبه أولا على أن الآية منسجمة مع سائر الآيات نظما وموضوعا
(١) المتبادر أن المقصود بهذا الحلف هو الحلف الذي عرف بحلف الفضول والذي انعقد بين بطون قريش لمنع المظالم في حرم الله. وقد شهده النبي عليه السلام، وروي عنه فيه حديث جاء فيه: «ما أحبّ أن لي بحلف حضرته بدار ابن جدعان حمر النعم وأني أغدر به ولو دعيت به لأجبت» انظر طبقات ابن سعد ج ١ ص ١١٠- ١١١.