١- فحينما يعرضون على الله ويقفون للقضاء والجزاء سيشعرون بالندم ويدركون هول ما هم مقبلون عليه فيبادر العوام الذين استجابوا لتوجيه الزعماء والكبار إلى زعمائهم قائلين لهم في معرض العتب والتثريب: إنا كنا لكم في الدنيا تبعا واستجبنا لتوجيهكم فكذبنا رسل الله وتصاممنا عن دعوتهم فهل أنتم دافعون عنا شيئا من عذابه؟ فيجيبهم هؤلاء يائسين: إنّا لو هدانا الله لهديناكم! فنحن وإياكم في الموقف سواء وليس لنا ولا لكم مفرّ منه سواء أجزعنا أم صبرنا.
٢- وحينما ينتهي القضاء الرباني فيهم ينبري لهم الشيطان فيخاطبهم قائلا في معرض التنديد والتبكيت أيضا: إن الله قد وعدكم وعد الحقّ وحقق ما وعد ووعدتكم فلم أحقق لكم شيئا. ولم يكن لي عليكم سلطان قاهر وقصارى ما فعلت أني دعوتكم إلى الانحراف والاعوجاج عن طريق الهدى والحق فسارعتم إلى الاستجابة فلا تلوموني ولوموا أنفسكم على ما صرتم إليه. وليس من أحد منا قادرا على إنقاذ الآخر ونصره، وإني أعلن براءتي من شرككم لي وأجحده.
وحينئذ يهتف الحق: ألا إن الظالمين الذين بغوا وأجرموا وجحدوا قد استحقوا عذاب الله الأليم.
والمتبادر أن الآيات متصلة بسابقاتها التي احتوت حكاية مواقف الكفار. وقد تضمنت كنتيجة لهذه المواقف بيان مصيرهم الأخروي. وأسلوبها قوي في اللذع والتصوير ومن شأنه إثارة الخوف والرهبة في الكافرين وحملهم على التذكر والتدبر والارعواء قبل مواجهة المصير الرهيب، وهذا مما استهدفته كما هو المتبادر مع واجب الإيمان بالمشهد الأخروي المغيب.
ولقد تكررت حكاية عتاب الضعفاء للزعماء والكبار والمحاورة بينهما بين يدي القضاء الرباني الأخروي مما يدل على ما كان لهؤلاء على أولئك من تأثير.
والمتبادر أنها تستهدف حمل الضعفاء على ليّ وجوههم عن الزعماء وجعلهم يدركون أنهم لن يغنوا عنهم من الله شيئا.
أما حكاية خطاب الشيطان للكفار فالمتبادر أن من المقصود بها دمغ الكفار