الحنظل» «١» . ومن ذلك في مدى كلمتي (الطيبة والخبيثة) حيث قيل إن الأولى هي كلمة التوحيد أو الإيمان أو المؤمن أو العمل الصالح مطلقا. وإن الثانية هي الشرك أو الجحود أو البغي والظلم، وكل هذه الأقوال وجيهة.
وعلى ضوء ذلك وضوء فحوى الآيات وروحها نقول إن الآيات الثلاث الأولى نبهت السامع إلى التشابه بين الكلمة الطيبة والشجرة الطيبة وبين الكلمة الخبيثة والشجرة الخبيثة كمثل مضروب للتذكير والعظة. فكما أن الشجرة الطيبة الجنس هي التي ترسخ في الأرض وتعلو في الجو وتنمو على أحسن وجه وتؤتي ثمرا طيبا في كل موسم بدون إخلال كذلك الكلمة الطيبة هي التي تكون ذات أثر مفيد صالح ومستمر في كلّ وقت ومجال. وكما أن الشجرة إذا خبث جنسها لا ترسخ في الأرض ولا تعلو في السماء ولا تؤتي إلّا أردأ الثمر وتقتلع بسهولة، كذلك الكلمة الخبيثة فإنّها لا قرار ولا ثبات لها ولا نفع فيها.
أما الآية الرابعة فهي في مثابة التوجيه والتعقيب: فالذين آمنوا بالله يثبتهم الله بالقول الثابت الصالح النافع في الدنيا والآخرة. وأما الظالمون أي الذين فسدت قلوبهم ودرجوا على البغي والإجرام والانحراف فهم محرومون من هذه العناية الربانية بسبب ظلمهم. والذي يريده الله هو الذي يكون على النحو الذي يشاؤه.
وورود الآيات بعد بيان مصير كل من المؤمنين والكافرين في الآخرة يجعل الصلة بينها وبين ما قبلها قائمة كما هو المتبادر.
ويلفت النظر إلى أسلوب ومضمون الآية الأخيرة. فقد انطويا على إزالة ما يمكن أن يقوم من وهم تحتيم الله سبحانه بضلال ضالين وإيمان مؤمنين بأعيانهم، وعلى تقرير كون عناية الله وتثبيته قد كانا للمؤمن بعد إيمانه لأنه أثبت بذلك حسن نيته وصدق رغبته، وكون سخط الله وإضلاله قد كانا للظالم الكافر المنحرف لأنه اتصف بهذه الصفات أو درج عليها.