في الآيات الثلاث الأولى تنديد بزعماء المشركين وإنذار لهم بصيغة سؤال تقريري موجه إلى السامع أو إلى النبي صلى الله عليه وسلم: فقد قابلوا نعم الله عليهم بالكفر والجحود ووقفوا من دعوته التي يدعوهم إليها رسوله وهي من أجلّ نعم الله أيضا نفس الموقف فورطوا قومهم وعرّضوهم للمصير المهلك الذي ينتظر الكافرين وهو جهنم وبئست هي من مصير وقرار. وقد جعلوا لله شركاء وأندادا مماثلين له فضلوا عن سبيل الله وأضلوا غيرهم. فعلى النبي أن ينذرهم فلا يغتروا بمتاع الدنيا فهو قصير الأمد ثم يصيرون إلى النار إن هم ظلوا على موقفهم.
وفي الآية الرابعة أمر التفاتي للنبي صلى الله عليه وسلم بحثّ عباده المؤمنين على إقامة الصلاة والإنفاق مما رزقهم الله سرّا وعلنا وهم في فرصة من الحياة الدنيا وهي الفرصة الوحيدة الصالحة للعمل قبل أن تنتهي ويأتي اليوم الذي لا مجال فيه للعمل ولا فائدة فيه للصداقة.
ولقد ذكر المصحف الذي اعتمدناه أن الآيتين [٢٨ و ٢٩] مدنيتان. ويلحظ أن الانسجام بينهما وبين ما بعدهما قوي أولا وأن مضمونهما ينصرف أكثر إلى زعماء مكة وبالتبعية إلى صور العهد المكي مما يسوغ الشك في رواية مدنيتهما.
ولم نطلع في كتب التفسير على تأييد لذلك ولقد روى المفسرون «١» أقوالا مختلفة عن المقصودين بالآية الأولى منها عن عمر بن الخطاب أنهم الأفجران من قريش بنو المغيرة وبنو أمية. وعن ابن عباس أنه قال لعمر إنهم أخوالي وأعمامك. وعن علي أنهم الأفجران من بني أسد وبني مخزوم. ومنها عن ابن عباس وعلي أيضا