الألفاظ والأساليب القرآنية، واستخراج معان خاصة منها تباعد بيننا وبين نزول القرآن وجو البيئة النبوية التي تتصل بالقرآن ونزوله وأساليبه وألفاظه اتصالا مباشرا ووثيقا على ما شرحناه في مناسبة سابقة.
ومع أن من العلماء من توقف في التسليم بمدى هذه الآثار ورأى فيها تعارضا مع ما في القرآن من ناسخ ومنسوخ وجدل، وقال إن القرآن كان ينزل على قلب النبي من عند الله منجما حسب الحوادث فإن كثيرا منهم أخذوا بها كما يبدو من التدقيق في مختلف الكتب والتفاسير القديمة التي كانت عماد كتب التفسير التالية قليلا أو كثيرا، ومنهم من جمع بين الأخذ بها وبين القول بنزول القرآن حسب الحوادث معا، وجل هذه الآثار إن لم يكن كلّها منسوب إلى ابن عباس مع اختلاف في النصوص والطرق:
١- فقد أخرج الحاكم من إحدى الطرق عن ابن عباس أنه قال:«أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا ليلة القدر ثم أنزل بعد ذلك في عشرين سنة ثم قرأ وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا [الفرقان: ٣٢] .
٢- وأخرج الحاكم كذلك بطريق أخرى عن ابن عباس أنه قال «فصل القرآن من الذكر فوضع في بيت العزة من السماء الدنيا فجعل جبريل ينزل به على النبي» .
٣- وأخرج الطبراني من إحدى الطرق عن ابن عباس قال «أنزل القرآن في ليلة القدر إلى سماء الدنيا جملة واحدة ثم أنزل نجوما» .
٤- وأخرج الطبراني كذلك عن ابن عباس من طريق أخرى أنه قال «أنزل القرآن جملة واحدة حتى وضع في بيت العزة في السماء الدنيا ونزله جبريل على محمد بجواب كلام العباد وأعمالهم» .
٥- وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس «أن القرآن دفع إلى جبريل في ليلة القدر جملة واحدة ثم جعل ينزله تنزيلا» .