سماء الدنيا تسليما منه للأمة ما كان أبرز لهم من الحظ بمبعث محمد، وذلك أن بعثة محمد كانت رحمة فلما خرجت الرحمة بفتح الباب جاءت بمحمد وبالقرآن فوضع القرآن ببيت العزة في السماء الدنيا ليدخل في حدّ الدنيا ووضعت النبوة في قلب محمد، وجاء جبريل بالرسالة ثم بالوحي، كأنه تعالى أراد أن يسلم هذه الرحمة التي كانت حظ هذه الأمة من الله.. وقال السخاوي إن في إنزاله إلى السماء جملة واحدة تكريما لبني آدم وتعظيما لشأنهم عند الملائكة، وتعريفهم عناية الله بهم ورحمته لهم، ولهذا أمر سبعين ألفا من الملائكة أن تشيع سورة الأنعام «١» ، وزاد سبحانه في هذا المعنى بأن أمر جبريل بإملائه على السفرة الكرام وإنساخهم إياه وتلاوتهم له، وفيه تسوية بين نبينا وبين موسى في إنزاله كتابه جملة، والتفضيل لمحمد في إنزاله جملة ومنجما..! وجاء في تفسير الخازن في سياق سورة القدر وبعد إيراد الروايات المذكورة سابقا: قيل إنما أنزله إلى سماء الدنيا لشرف الملائكة بذلك ولأنها كالمشترك بيننا وبين الملائكة فهي لهم سكن ولنا سقف وزينة، وذكر السيوطي في إتقانه أنه ورد في تفسير النيسابوري أن جماعة من العلماء قالوا نزل القرآن جملة ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى بيت يقال له بيت العزة فحفظ جبريل وغشي على أهل السماوات من هيبة كلام الله فمرّ بهم جبريل وقد أفاقوا وقالوا ماذا أنزل ربكم قالوا الحق يعني القرآن وهو معنى قوله تعالى حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ماذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [سبأ: ٢٣] ، فأتى به جبريل إلى بيت العزة فأملاه على السفرة الكتبة يعني الملائكة وهو معنى قوله تعالى: بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرامٍ بَرَرَةٍ (١٦)[عبس ١٥- ١٦] ، وآية سبأ جاءت في سياق مشهد من مشاهد الآخرة وفيه إنذار وتنديد بالكفار وحكي فيه موقف من مواقف الجدل بينهم وبين النبي ولا صلة قط بينه وبين المعنى أو المشهد الذي أورده النيسابوري، وفي هذا مثل آخر لأخذ المفسرين الآيات آية أو جملة من آية وعدم ملاحظتهم السياق الذي جاءت فيه.. ومنهم من ناقش ما إذا كانت جملة