واتجاهه وسلوكه، وتقويم ما في طبيعته من أنانية وجزع من الشر ومنع للخير.
وهي من روائع المجموعات القرآنية المنطوية على جليل التلقينات الأخلاقية والاجتماعية المستمرة المدى.
واختصاص المصلّين بالذكر في الاستثناء وتكرار التنويه بالدوام على الصلاة والمحافظة عليها في أول المجموعة وآخرها آت- كما هو المتبادر- من كون الصلاة هي مظهر رئيسي من مظاهر الإيمان بالله أولا ووسيلة مستمرة للتذكير بالله وأوامره التي فيها كل خير ونواهيه التي تنهى عن كل شرّ ثانيا. وهذا مما يجعل المصلّي يندفع في عمل الحق والعدل والخير ويمتنع عن الإثم والفواحش. وعلى هذا فإذا صدر من مصلّ آثام ومنكرات وتغلبت فيه الأنانية والجزع والبخل والمنع فلا يكون في الحقيقة مصليا لأن صلاته لا تكون صادرة عن إيمان صحيح فلا تفيد في تصفية روحه وتنقية قلبه على ما شرحناه في سياق تفسير سورة لعلق شرحا يغني عن التكرار.
ومع أن الآيات انطوت كما قلنا على تقرير أثر الصلاة في المصلي الصادق فإن من الممكن أن يكون فيها أيضا صورة لما كان عليه المؤمنون الأولون في العهد المكي من أخلاق وما كان للصلاة والإيمان فيهم من أثر عظيم مما احتوت تقريره آيات عديدة في سور عديدة على ما ذكرناه في سياق الآيات الأولى من سورة (المؤمنون) .
وإذا صح هذا- ونرجو ذلك- فإن في الآيتين وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (٢٤) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ قرينة على أن الزكاة كانت مفروضة على المؤمنين ومعينة المقدار.
ولقد روى الطبري عن مجاهد والشعبي وغيرهما من علماء التابعين أن جملة وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ تعني غير الزكاة أيضا. ومع أن هناك آيات عديدة حثّت على التصدّق بصورة عامة بحيث يدخل في ذلك الصدقات التطوعية فإنّ المتبادر من روح العبارة هو كما قلنا قصد المقدار المحدد