للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثة فكرر مقالته فلم يلبث أن بعث الله سبحانه حيال رأسه وهو يتكلم ويجادل فرعدت ثم وقعت منها صاعقة ذهبت بقحف رأسه فأنزل الله وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ ومنها أن عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة قدما على رسول الله فسأله عامر ماذا يجعل له إذا هو اتّبعه وطلب أن يكون له المشرق وللنبي المغرب أو الوبر وللنبي المدر أو يكون الأمر مشتركا بينهما فأتى النبي فقال له أما والله لأملأنها عليك خيلا ورجالا فقال له رسول الله يأبى الله عليك وأبناء قيلة- أي الأوس والخزرج- وقد حاولا أن يجدا غرة منه لقتله فمنع الله رسوله فخرجا يجمعان الناس لحربه فأرسل الله صاعقة فأحرقت أربد وطاعونا أهلك عامرا. فأنزل الله هذه الآية أو الآية السابقة لها أو الاثنتين معا. ومما جاء في الروايات أن جملة لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ عنت رسول الله حين حفظه الله من الرجلين الذين تآمرا على قتله.

ولسنا نرى تناسبا منطقيا بين الروايات وبين الآيات كسبب للنزول. ويلحظ أن الآيات منسجمة مع بعضها كل الانسجام ومنسجمة في الوقت نفسه مع الآيات السابقة بحيث تبدو السلسلة وحدة تامة. لذلك فنحن نتوقف في صحة الروايات كسبب لنزول الآيات ونرجّح أن الآيات استمرار للسياق وتعقيب عليه. كأنما أريد القول بها والله أعلم أن الكفار الذين كانوا موضوع الكلام في الآيات السابقة يجادلون في الله ويستعجلون عقابه ويشكّون في لقائه ويتحدّون رسوله بالمعجزات في حين أن الآيات والبراهين على عظمته وقدرته وجبروته وإحاطته بهم قائمة في كل شيء يشاهدونه في الكون وفي أنفسهم.

والروايات مدنية، وتقتضي أن تكون الآيات مدنية مع أن الأسلوب المكي قوي البروز عليها بالإضافة إلى انسجامها الشديد بالآيات السابقة لها على ما نبّهنا عليه ولعل الروايات من أسباب رواية مدنية السورة.

ومن المحتمل أن تكون الأحداث التي ترويها الروايات قد وقعت فعلا وأن

<<  <  ج: ص:  >  >>