(١) السفهاء: هنا بمعنى قاصري العقل والفهم والتمييز.
(٢) شياطينهم: الذين يوسوسون لهم، والمتفق عليه أن المقصود هم اليهود.
يتفق المؤولون على أن الآيات تعني المنافقين وقد تضمنت صفاتهم ومواقفهم والرد عليهم والتنديد بهم: فهم الذين يقولون آمنا بألسنتهم وقلوبهم غير مؤمنة بقصد خداع الله والمؤمنين، في حين أنهم لا يخدعون إلا أنفسهم، لأن الله يعرف حقائقهم ولأن هذه الحقائق غير خافية على المؤمنين. ولقد خبثت نياتهم ومرضت قلوبهم فازدادوا بخداعهم وكذبهم خبثا ومرضا واستحقوا عذاب الله الأليم بسبب ذلك. وهم إذا نصحوا ونهوا عن الإفساد بنفاقهم وخداعهم ودسهم وكيدهم أنكروا وادعوا الصلاح مع أن ما هم فيه هو الفساد بعينه، ولكنهم لا ينتبهون إلى ما هم فيه من تناقض. وهم إذا قيل لهم آمنوا إيمانا صحيحا قلبا وقالبا مثل غيرهم من المؤمنين الصادقين استكبروا وغمزوا المؤمنين الصادقين، ونعتوهم بالسفهاء وتساءلوا تساؤل المستهزئ عما إذا كان يصح أن يؤمنوا مثل إيمانهم. مع أنهم السفهاء لا غيرهم، ولكنهم لا يدركون حقيقة أمرهم. وهم الذين إذا لقوا المؤمنين سايروهم وخادعوهم وقالوا لهم إننا مؤمنون، ثم إذا خلوا إلى شياطينهم الذين يحرضونهم ويوسوسون لهم أكدوا لهم بقاءهم في جانبهم وأن ما يتظاهرون به ليس إلّا من قبيل الهزء والسخرية، فالله هو الذي يهزأ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون عن الحق لينالوا جزاءه الرهيب.
والآيات أولى الآيات المدنية التي احتوت إشارة إلى طبقة المنافقين التي نجمت في العهد المدني في وقت مبكر جدا بل قبل وصول النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة أو عقب وصوله مباشرة ولو لم ترد فيها كلمة النفاق أو المنافقين. لأن الوصف منطبق عليهم والمؤولون متفقون على ذلك. ولم نطلع على رواية خاصة في سبب نزولها. والمتبادر أنها استمرار في الاستطراد لإتمام سلسلة مختلف فئات الناس