الصلاة وإيتاء الزكاة وأقروا بذلك وتعهدوا به ولكن أكثرهم نقض ولم يفعل بما عاهد الله عليه.
٢- وقد أخذ الله عليهم العهد بالتضامن فلا يقتل بعضهم بعضا ولا يظاهر أحد منهم غريبا على أحد منهم فنقضوا العهد حيث سفك بعضهم دم بعض وأجلى بعضهم بعضا عن أرضه وظاهر بعضهم الغريب على بعض آخر بغيا وعدوانا. وفيما هم يفعلون ذلك وهو محرّم عليهم أصلا يناقضون أنفسهم ويفتدون الأسرى الذين أسرهم الغرباء بمساعدتهم ومظاهرتهم. وهكذا يكونون مؤمنين ببعض ما أمروا به وهو فك أسراهم من يد الغرباء وكافرين ببعض وهو سفك دم بعضهم وإجلاء بعضهم وأسر بعضهم والمظاهرة على بعضهم. ومن يفعل ذلك يستحق الخزي في الدنيا وأشد عذاب الله في الآخرة لأنه يكون بذلك قد سار سير من يرغب في منافع الدنيا وأعراضها دون أن يراقب الله ويذكر الآخرة وأهوالها. وبعبارة أخرى سير من يشتري دنياه بآخرته، ومثل هؤلاء لا يخفف عنهم عذاب الله ولا ينصرون في موقف من مواقفهم.
والآيات قوية في تنديدها وإفحامها، وقد روى المفسرون «١» في صدد الآية [٨٤] أن بني النضير وبني قينقاع من يهود يثرب كانوا حلفاء للخزرج وأن بني قريظة كانوا حلفاء للأوس. وكان بين الخزرج والأوس خلافات تجرّ أحيانا إلى القتال، فكان كل من فريقي اليهود يقاتل مع حليفه فيقتل بعضهم بعضا ويأسر بعضهم بعضا ويجلي بعضهم بعضا ويظاهر كل فريق حليفه نتيجة لذلك. وكانوا
(١) انظر تفسير الآيات في تفسير الطبري والخازن وابن كثير وغيرهم، وقد ذكر بعض هؤلاء أن بني قينقاع كانوا حلفاء الخزرج وأن بني النضير وبني قريظة كانوا حلفاء للأوس وهذا غلط فحلفاء بني قريظة هم الأوس أما بنو النضير وبنو قينقاع فقد كانوا حلفاء الخزرج. انظر الجزء الخامس من كتابنا تاريخ الجنس العربي ص ١٤٧ وما بعدها، وانظر فصلي المنافقين واليهود في الجزء السادس من هذا الكتاب على أن هؤلاء المفسرين قد صححوا غلطهم دون انتباه في سياق تفسير سورتي الحشر والأحزاب حيث ذكروا أن بني قريظة كانوا حلفاء الأوس، وبني النضير كانوا حلفاء عبد الله بن أبيّ الزعيم الخزرجي المنافق.