جاءهم ما عرفوا أنه حق ومطابق لما عندهم كفروا وجحدوا وكان ذلك منهم بغيا وحنقا لكون الله ينزل من فضله على عبد من عباده من غير جنسهم وملتهم. وهكذا اشتروا الكفر بالإيمان ولبئس ما كان من بيع وشراء باؤوا بهما بعذاب الله المهين وغضبه الشديد المضاعف ولعنته المحيطة بالكافرين أمثالهم.
٤- ولقد كانوا كلما قال لهم النبي صلّى الله عليه وسلّم آمنوا بما أنزل الله عليه قالوا نكتفي بما أنزل الله علينا ولسنا في حاجة إلى غيره. مع أن ما أنزل عليه هو متطابق مع ما عندهم والحق والمنطق يلزمانهم بالإيمان به لأنه حلقة من نفس السلسلة وصادر من نفس المصدر.
٥- ولقد كان هذا شأن آبائهم من قبل فقد جاءهم موسى بالبينات فانحرفوا عنها ظالمين لأنفسهم وعبدوا العجل وقتلوا أنبياء الله بعد موسى ولقد أخذ الله منهم العهد والميثاق على أن يستمسكوا بما جاءهم من عند الله بكل قوة ويسمعوا إليه فقالوا سمعنا بأفواههم ولسان حالهم يقول عصينا لأنهم انحرفوا عما عاهدوا عليه وتمكنت عبادة العجل في قلوبهم. فلبئس هذا الإيمان الذي يتبجحون به إذا كان يأمرهم ويأمر آباءهم من قبل بما يفعلونه هم وبما كان يفعله آباؤهم قبلهم من المنكرات والانحرافات.
وفي الآيات الثلاث الأخيرة تحدّ قوي لهم:
١- حيث تأمر النبي بأن يقول لهم إذا كانت الدار الآخرة ونعيمها لهم وحدهم من دون الناس كما يزعمون فليتمنوا الموت حتى يصيروا إليها:
٢- وحيث تقرر أنهم لن يتمنوا الموت لأنهم يعرفون ما اقترفت أيديهم ويتيقنون في قرارة أنفسهم أن ما هم فيه بغي متعمد وأن الذي لهم عند الله هو ما للظالمين. وأنهم نتيجة لذلك أحرص على الحياة والرغبة عن الموت وما بعد الموت حتى إنهم ليفوقون في ذلك المشركين وحتى إن الواحد منهم ليتمنى أن يعيش ألف سنة ولكن هذا لن يجديهم نفعا ولن يجعلهم يفلتون من عذاب الله الذي