والوقائع متفقة في الجوهر في صدد الآيتين، منها أن فريقا من اليهود سألوا النبي صلّى الله عليه وسلّم أسئلة عديدة ووعدوه بأن يتابعوه إذا أجاب عليها إجابات صحيحة فأجابهم إجابات اعترفوا بصحتها ثم سألوه عمن ينزل عليه بالوحي فقال جبريل فقالوا إنه عدونا وإنه ينزل بالخسف والشدة وإنه حال دون قتل بختنصر فكان سببا في حياته وتخريبه هيكلنا. ولو كان غيره الذي يأتيك لتابعناك. ومنها أن محاورة جرت بين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) وفريق من اليهود قالوا له فيما قالوا إن جبريل عدونا وينزل بالخسف والحرب وإن ميكال سلمنا وينزل بالخصب. وأن جبريل وميكال عدوان لبعضهما وأن أولهما يقف إلى يمين الله وثانيهما إلى يساره فسفههما قائلا كيف يكونان عدوين وهما المقربان من الله، ثم نقل خبر المحاورة إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فنزلت الآيتان.
وهناك حديث عن أنس بن مالك رواه البخاري جاء فيه «١» : «إنّ عبد الله بن سلام سمع بقدوم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأتاه فقال له: إنّي سائلك عن ثلاث لا يعلمهنّ إلّا نبيّ، فما أول أشراط الساعة؟ وما أول طعام أهل الجنة؟ وما ينزع الولد إلى أبيه أو إلى أمه؟ فقال: أخبرني بهنّ جبريل آنفا، قال: جبريل؟ قال: نعم. قال: ذاك عدوّ اليهود من الملائكة فقرأ هذه الآية: مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ ثم قال له: أمّا أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب. وأما أول طعام أهل الجنة فزيادة كبد الحوت. وإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد وإذا سبق ماء المرأة نزعت. قال: أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أنك رسول الله. ثم قال: يا رسول الله إن اليهود قوم بهت وإنهم إن يعلموا بإسلامي قبل أن تسألهم يبهتوني. فجاء اليهود فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: أيّ رجل عبد الله فيكم؟ فقالوا: خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا. قال: أرأيتم إن أسلم عبد الله؟ فقالوا: أعاذه الله من ذلك. فخرج عبد الله فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمّدا رسول الله، فقالوا:
شرّنا وابن شرّنا وانتقصوه، قال: فهذا الذي كنت أخاف يا رسول الله» .