إلى معرفة ما يجب عليهما من المناسك ويساعدهما على أدائها وأن يجعلهما مسلمين له وحده وأن يجعل ذريتهما أيضا أمة مسلمة منقادة له وحده. وأن يبعث فيها رسولا منها يتلو عليهم آياته ويعلمهم الكتاب وكل ما فيه الصواب والسداد ويطهر نفوسهم وينقذهم من الضلال ويرشدهم إلى الحق والخير والهدى. وأن يجعل البلد الذي فيه البيت آمنا لا يقع فيه بغي ولا ظلم ولا سفك دم، وأن يرزق من يكون مؤمنا من أهله بالله واليوم الآخر من الثمرات وييسر لهم الرزق الرغد.
ولم نطلع على رواية خاصة بنزول هذه الآيات التي قد تبدو الآيات فصلا مستقلا لا علاقة له باليهود والسياق الطويل السابق. غير أن الحلقة التي جاءت بعدها عادت إلى ذكر اليهود ومواقفهم وأقوالهم والتنديد بهم ثم جاءت بعدها حلقة أخرى احتوت موضوع تبديل القبلة إلى اتجاه الكعبة ونددت باليهود لموقفهم من هذا التبديل موقف النقد والتشكيك مما يجعل هذه الآيات غير منقطعة عن السياق السابق واللاحق ومما يسوغ القول إن فيها تبريرا وتدعيما للتبديل المذكور وردا على موقف اليهود منه في بيان صلة الكعبة بالله تعالى وإبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام) وفضلها وكونها جعلت بأمر الله منذ القديم مثابة للناس ومحجا ومكان عبادة وطواف وسجود وركوع له.
وهذا فضلا عن شمول جملة لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ لليهود من بني إسرائيل المنحرفين عن الحق والهدى بل فضلا عن احتمال كون المقصود بها هم هؤلاء وبخاصة المعاصرين للنبي صلّى الله عليه وسلّم موضوع الكلام في الدرجة الأولى.
وكل هذا جعلنا نسلكها في عداد الحلقات الواردة في هذه السورة فيهم.
ولقد أورد المفسرون «١» أقوالا عديدة في الكلمات التي ابتلى الله بها إبراهيم معزوة إلى بعض علماء التابعين وتابعيهم. منها أنها قصّ الشارب والمضمضة والاستنشاق والسواك وفرق الرأس في الجبهة وتقليم الأظفار وحلق العانة والختان
(١) انظر تفسير الآيات في الطبري والبغوي والخازن وابن كثير.