سيعود إلى والد أو والدة الحفيد، وهما ورثة لا تجوز لهما الوصية ومن الممكن أن تورد أمثلة أخرى مماثلة. ولقد روى أبو داود والترمذي بسند حسن عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«إن الرجل ليعمل أو المرأة لتعمل بطاعة الله تعالى ستين سنة ثم يحضرها الموت فيضارّان في الوصية فتجب لهما النار»«١» . وقد أورد ابن كثير حديثا رواه ابن مردويه عن ابن عباس عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«الجنف في الوصية من الكبائر» وهذا الحديث ليس من الصحاح ولكنه متطابق مع روح الآية والله أعلم.
ولقد أورد الطبري قولا لابن عباس بعدم جواز وإجازة الوصية التي فيها ضرر. وقولا لقتادة أن للحاكم أن يردّ الوصية التي فيها الضرر ومجانبة للحق والعدل. وأورد ابن كثير حديثا أخرجه ابن مردويه عن عائشة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:
يردّ من صدقة الحائف في حياته ما يردّ من وصية المجنف عند موته. والحديث ليس من الصحاح ولكنه متطابق مع روح الآية أيضا والله أعلم.
وفي تفسير الطبري أقوال لبعض أهل العلم من التابعين في صدد نوع الموصى لهم. منها أن نصّ الآية يحصر الوصية للأقارب سواء أكانوا أغنياء أم فقراء وأن من الواجب الالتزام بذلك. ومنها ما يجيز الوصية لغير الأقارب في حالة وجود أقارب مع شرط أن يكون الأقارب من جملة الموصى لهم. وأن الموصي إذا وصّى لغير أقاربه وكان له أقارب فيكون للحاكم أن ينتزع ثلثي ما وصّى به لغير أقاربه ويردّهما إلى الأقارب. وقد يكون القول الأول مطابقا لحرفية الآية. غير أنه يجب أن يلاحظ أولا أن الوصية للأقارب في الآية كانت قبل نزول آيات المواريث وأنها بقيت محكمة للأقارب غير الورثة. وثانيا أن الأصل في الوصية لغير الورثة هو سدّ حاجة المحتاج منهم كما يلهمه سلك أولي القربى في سلك اليتامى والمساكين في آية سورة النساء هذه: وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفاً (٨) وإن هذه الآية تلهم جواز