العمرة والحج في موسم الحج. وإن ترجيح خطر الطريق يعد إحصارا ومانعا شرعيا وقد أدخل بعضهم استنادا إلى بعض الأحاديث النبوية «١» المرض الشديد والكسر والجرح وموت الراحلة وفقد الزاد والنفقة أو نفادهما والتوهان في الطريق أو الخطأ في حساب الأيام من الأعذار التي يصح فيها حكم الإحصار. ولقد قضى النبي صلّى الله عليه وسلّم والمسلمون زيارة الكعبة التي كانوا أزمعوا أن يقوموا بها في السنة الهجرية السادسة ومنعهم كفار قريش حينئذ تمّ عقد بينهم صلح الحديبية الذي كان من شروط السماح لهم بالزيارة في السنة القابلة فقام النبي صلّى الله عليه وسلّم والمسلمون بهذه الزيارة وسميت عمرة القضاء، أي كانت قضاء حيث يفيد هذا أن الإحصار لم يسقط واجب الزيارة والحج عن المسلم وإنما كان عذرا للتأجيل وظل من واجب المسلم الذي يحول المنع والإحصار بينه وبين الزيارة والحج في موسم الحج أن يقوم بهما حال ما يزول الإحصار.
٩- وقد قلنا إن (الهدي) ذكر مرتين في الآية وما سبق هو في صدد المرة الأولى أما المرة الثانية فهي في معنى الفدية التي تجب على الحاج إذا تمتع بالعمرة إلى الحج. أي أن هذا الهدي غير الهدي الأول الواجب على كل حاج تقربا وطاعة. وقد نصت الآية على جواز عشرة أيام بدلا من هذا الهدي في مقام الفدية إذا لم يستطع الحاج تقديم الهدي فدية. ونصت على استثناء أهل الحرم من ذلك وقد مرّ شرح ذلك وأسبابه في سياق شرح الآية سابقا فلا موجب للتكرار.
١٠- لقد كان الحجاج قبل الإسلام يحرمون أكل هديهم، وظل ذلك مستمرا ردحا ما بعد الإسلام فأباح الله للمسلمين الأكل من الهدي بالإضافة إلى إطعام المساكين والفقراء منه رحمة وتيسرا على ما جاء في آيات سورة الحج التي سبق تفسيرها.
١١- والمذاهب متفقة استنادا إلى الأحاديث النبوية على أن الوقوف في عرفة في موسم الحج والطواف حول الكعبة وبين الصفا والمروة وهو ما عرف بالعمرة