للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«شهدت عمر صلّى الصبح بجمع ثم قال: إن المشركين كانوا لا يفيضون حتى تطلع الشمس ويقولون أشرق ثبير وإنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم خالفهم فأفاض قبل أن تطلع الشمس» «١» .

٨- وفي صدد جملة: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ روى الخمسة عن عائشة قالت: «كانت قريش ومن دان بدينها يقفون بالمزدلفة وكانوا يسمّون الحمس وكان سائر العرب يقفون بعرفات فلما جاء الإسلام أمر الله عزّ وجلّ نبيّه أن يأتي عرفات فيقف فيها ثم يفيض منها» «٢» . ويلحظ أن الحديث غير متسق شيئا ما مع مدى الآية. لأن الآية تفيد أن الأمر في الجملة القرآنية هلّ بالإفاضة من المشعر الحرام. ويتبادر لنا من روح الآية أن فريقا من الناس ويجوز أن يكونوا القرشيين أو سدنة الكعبة وأقاربهم منهم كانوا يترفعون عن الناس في وقوفهم وطريق إفاضتهم من المزدلفة أو يسلكون طريقا خاصا بهم فأمرت الآية المسلمين جميعا بالإفاضة من الطريق الذي يسلكه سائر الناس بدون تمايز أحد على أحد لأي سبب كان، وفي هذا ما فيه من تلقين جليل والله تعالى أعلم.

والروايات تذكر أن الإفاضة من المزدلفة أيضا كانت تتم بإشارة من زعيم عربي من أسرة معينة، فحلّ محلّه في الإسلام أمير الحج كما صار ذلك شأن الإفاضة من عرفات.

٩- والجمهور على أن جملة: فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ تعني إذا ذبحتم قرابينكم حيث يبادر الحجاج بعد نزولهم صباح العيد من المزدلفة إلى منى إلى ذبح هديهم ويتحللون من الإحرام بالحلاقة أو تقصير الشعر وبلبس الثياب العادية ويصبح حلالا ما كان محظورا عليهم في مقام الإحرام. ومنهم من ينزل إلى مكة قبل التحلل فيطوف طواف الإفاضة الذي أوردنا ما فيه من حديث في سياق


(١) التاج ج ٢ ص ١٣٩ و (جمع) كان يطلق على الموقف في المزدلفة على ما يفيده حديث رواه أبو داود والترمذي عن علي، انظر أيضا التاج ج ٢ ص ١٣٩.
(٢) التاج ج ٤ ص ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>