للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنفيذا لأمر الله في منامه «١» ليزين له الامتناع عن ذلك فكان يرجمه في كل موقف من المواقف الثلاثة، وهذا لم يرد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم وعلى كل حال فهذا تقليد كان من تقاليد الحج قبل الإسلام لم يعرف سببه معرفة يقينية فأقره الإسلام ليكون وسيلة إلى ذكر الله وتكبيره.

وقد ورد ذكر أيام التشريق في حديثين صحيحين روى أحدهما مسلم وأحمد عن نبيشة الهذلي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله تعالى» «٢» وروى ثانيهما أصحاب السنن عن عقبة بن عامر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب» «٣» . وقد نهى النبي صلّى الله عليه وسلّم عن صوم أيام التشريق على ما ذكرناه في فصل الصيام في هذه السورة.

والتشريق في اللغة هو عرض اللحم للشمس، والمتبادر أن التسمية بسبب ما كان ينحر في أيام التشريق من الأضاحي التي كان يلقى بلحومها على الأرض معرضة للشمس وليأخذها من يشاء. وقد كان من تقاليد العرب قبل الإسلام أن لا يأكل صاحبها منها ويدعها للفقراء والوحوش والنسور والصقور فأباح الله لهم الأكل منها على ما شرحناه في تفسير سورة الحج.

١١- وقد روى المفسرون في سياق جملة: فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً أن العرب قبل الإسلام كانوا في أيام التشريق يعقدون مجالس للمفاخرة بآبائهم فأمر الله المسلمين أن يذكروا الله فيها كما يذكرون آباءهم أو أكثر، وقد يكون هذا واقعا وفي الجملة مغزى لطيف كما يتبادر لنا وهو عدم النهي عن ذكر الآباء حيث تكون الحكمة اقتضت ذلك من باب التكريم للآباء الذي تكرر الأمر به في آيات عديدة مرّت أمثلة منها في السور المكية.

١٢- وما جاء في الآيات [٢٠٠- ٢٠٢] محتمل أن يكون بسبب اشتراك غير


(١) ذكر هذا المنام في سورة الصافات، وانظر تفسيرها في ابن كثير والخازن.
(٢) التاج ج ٢ ص ٧٨.
(٣) التاج ج ٢ ص ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>