النقطة الأخيرة توضيح لمدى جملة: وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ الواردة في الآية التي نحن في صددها. فقد يكون الحمل جديدا وحينئذ تمتد عدة المطلقة الحامل أكثر من ثلاثة أشهر. وإذا لم يكن جديدا فالإخبار به أيضا يكون ضروريا حتى لا يتأخر الزوج في ردّ مطلقته وتفوته الفرصة لأنها تكون قد انتهت عدتها بالوضع.
٢- ويطلق الفقهاء على الطلاق الذي يمكن أن يرد المطلق زوجته في عدته المذكورة طلاقا رجعيا. وهم متفقون على أن الرّد يتم بدون عقد ومهر جديدين.
فإذا انقضت العدة ولم يرد المطلق مطلقته يسمى الطلاق بائنا ويتوقف ردّ المطلقة على مهر وعقد جديدين. وهذا وذاك في التطليقة الأولى والتطليقة الثانية. فإذا طلقها مرة ثالثة فلا تحل له حتى تنكح زوجا آخر على ما جاء في آيات تالية.
٣- وهناك حديث رواه الترمذي وأبو داود عن عائشة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:
طلاق الأمة تطليقتان وعدتها حيضتان» . فيكون في الحديث توضيح لحالة الأمة التي سكت عنها القرآن وصار هذا تشريعا نافذا. ونعني بالأمة هي التي تكون متزوجة زواجا شرعيا بغير مالكها وقد أجاز القرآن ذلك في إحدى آيات سورة النساء.
والمتبادر أن حالة الأمة الاجتماعية هي التي لو حظت في هذا التشريع. وقد جعل القرآن حدها على الزنا نصف حدّ الحرة على ما جاء في آية سورة النساء نفسها. وقد يكون هذا التشريع القرآني سند التشريع النبوي في تنزيل مدة الحيضات وعدد التطليقات بالنسبة للأمة. وإذا لوحظ أن التشريع القرآني والنبوي هدفا إلى إنهاء حالة الرقّ على ما شرحناه في سياق سورة البلد بدا أن التشريع القرآني والنبوي في حالتي الأمة المذكورتين آنفا هو معالجة لأمر اجتماعي قائم لم تر حكمة التشريع بدّا من اعتباره. وينتهي حينما يتحقق ذلك الهدف.
٤- من أهل التأويل من قال إن القرء هو الطهر ومنهم من قال إنه الحيض.