ويلفت النظر إلى جملة: وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً ففيها نهي عن مواعدة الأرملة سرا أو مساررتها إلا في نطاق الوقار والحشمة والمشروع من القول، وهذا تأديب قرآني واجب الالتزام به، والله تعالى أعلم.
٦- هناك من قال إن الضمير في جملة وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ عائد إلى الحكام وأولياء الأرملة. وإنها تتضمن تقرير حقهم في منعها من الإخلال بأحكام الحداد المذكورة في الآية والأحاديث قبل انتهاء المدة. وهناك من قال إنه عائد إلى الأولياء والأرامل معا بسبيل التنبيه على أنه لا حرج على الجميع بأن تفعل الأرملة بنفسها ما تشاء من أمور مشروعة. ويلحظ أن رفع الجناح هو عما يفعلن من أمور مشروعة حين بلوغ الأجل، ولا علاقة له بما قبل ذلك. وهذا يجعل القول الثاني هو الأكثر وجاهة وورودا، ومع ذلك فإن القول الثاني لا يخلو من وجاهة وبخاصة في حق الحاكم في منع زواج في وقت نهى عنه القرآن، والله تعالى أعلم.
٧- والأكثر على أن جملة فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ تعني الزواج بعد انتهاء المدة. وهناك من قال إن فيها دليلا على حرية الأرملة في تزويج نفسها بدون ولي وإذن منه. وهناك من استند إلى جملة فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ السابقة لهذه الجملة فأوجب الولي وإذنه على كل حال ويتبادر لنا أن القول الأول هو الأوجه لأن النص القرآني أكثر صراحة وحسما. وهناك حديث رواه الخمسة عن أبي هريرة جاء فيه:«الثيّب أحقّ بنفسها من وليّها»«١» .
٨- هناك من قال إن مدة حداد الأمة المتوفّى عنها زوجها أو سيدها إذا كانت مستفرشة له هي نصف مدة الحرة، وهناك من قال إنها نفس المدة، وقد يكون القول الثاني هو الأوجه لأن الآية مطلقة ومع ذلك فالقول الأول لا يخلو من وجاهة قياسا على عدد تطليقاتها وعدة طلاقها على ما ذكرناه قبل.
٩- هناك من أوجب للمرأة المتوفى عنها زوجها نفقة طيلة مدة حدادها.
وقال إن ذلك دين على التركة قياسا على المطلقة التي جعل لها ذلك في آية سورة